منتديات الاحلام2

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات الاحلام2

منتدى اسلامى شامل

تنبيه هام لكل الزوار عندما ترغب فى التسجيل معنا بعد ما تقوم بعمليه التسجيل تاكد من تفعيل عضويتكم عبر الرساله التى تصل الى الميل واهلا بكم فى المنتدى ونتمنى لكم قضاء وقت عامر بطاعة المولى عزوجل

    الاسره السعيده فى الاسلام

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 7:37 pm

    مكانة الأخلاق في الإسلام
    أولاً: تعليل الرسالة بتقويم الأخلاق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق) (1).
    ثانياً: سبب لزيادة الأعمار وعمارة الديار، قال عليه الصلاة والسلام (حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار)(2).
    ثالثاً: ترتب الثواب العظيم على حسن الخلق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق)(3)، وقال (إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم)(4).
    رابعاً:المؤمنون يتفاضلون في الإيمان، وأفضلهم فيه أحسنهم أخلاقاً جاء في الحديث (ألا أنبئكم بخياركم أحاسنكم أخلاقاً)(5).
    خامساً: إن أحب المؤمنين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقربهم منه منزلاً يوم القيامة أحاسنهم أخلاقاً، قال صلى الله عليه وسلم (إن أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً)(6)
    سادساً:إن حسن الخلق أمر لازم وشرط لا بد منه للنجاة من النار والفوز بالجنان قال الله تعالى (ويل لكل همزة لمزة)(7).
    سابعاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل الله حسن الخلق -وهو ذو الأخلاق الحسنة- فيقول (اللهم حسّنت خَلقي فحسن خُلُقي)(8) ويقول (اللهم اهدني لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها فإنه لا يصرف عني سيئها إلا أنت)(9).
    ثامناً: مدح الله تعالى نبيه بحسن الخلق فقال سبحانه (وإنك لعلى خلق عظيم)(10).
    تاسعاً: كثرة الآيات والأحاديث المتعلقة بموضوع الأخلاق.
    الهوامش:
    (1)
    أخرجه أحمد 2/381، والبخاري في الأدب المفرد ح 273 ص104، وصححه الألباني في الصحيحة ح 45-1/75.
    (2)
    أخرجه أحمد 6/159 وصححه الألباني في الصحيحة ح 519 -2/34.
    (3)
    أخرجه أحمد 6/446، وأبو داود ك الأدب باب في حسن الخلق ح 4799-4/253، والترمذي ك البر والصلة باب ما جاء في حسن
    (4) الخلق ح 2070 -3/244 وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني في الصحيحة ح 876 -2/562.
    (5)
    أخرجه أبو داود في الموضوع السابق ح4798، وصححه الألباني في الصحيحة ح 795-2/437.
    (6)
    أخرجه أحمد 2/467، قال الهيثمي في الزوائد 10/206: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، والخرائطي في مكارم الأخلاق (22)
    (7)
    أخرجه أحمد 4/193، والخرائطي في مكارم الأخلاق (23) قال الهيثمي في الزوائد 8/21: رجال أحمد رجال الصحيح.
    (8)
    سورة الهمزة آية 1.
    (9)
    أخرجه أحمد 1/403، قال الهيثمي في الزوائد 10/173: رواه أحمد وأبو يعلى، ورجالهما رجال الصحيح غير عوسجة بن الرماح وهو ثقة. وأخرجه أيضاً الخرائطي في مكارم الأخلاق(9).
    (10)
    أخرجه مسلم ك الصلاة في حديث طويل باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه بالليل 6/58 مع شرح النووي..

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 7:43 pm


    ماهى الأخلاق
    إن المتأمل في مفهوم الأخلاق لدى الشعوب الأخرى على اختلاف ثقافاتهم يجد أن الأخلاق عندهم هي السلوك فقط
    .
    وهذا قصور شديد في مفهوم الأخلاق، ولهذا لا تتسامى تلك الشعوب ولا تتنامى فيها الفضائل.
    أما مفهوم الأخلاق في الإسلام فهو أوسع وأشمل، يتضح ذلك من خلال اختلاف تعبيراتنا عن الأخلاق، ومن هذه العبارات في وصف صاحب الخلق الفاضل ؛ الصادق - الرحيم - العطوف - الكريم - المخلص - المتعاون - المتواضع - المحب لإخوانه المسلمين - النصوح -... الخ.
    ولو تأملنا هذه الأخلاق لوجدنا أن بعضها يعود إلى الفكر، وبعضها يعود إلى المشاعر، وبعضها يعود إلى السلوك.
    فالذي يحمل فكراً سليماً يبطن مشاعر طيبة ويسلك سلوكاً مستقيماً، والذي يحمل فكراً سقيماً يبطن مشاعر سيئة ويسلك سلوكاً منحرفاً، قال تعالى: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا) (1).
    ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (...ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلُحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) (2).
    قال العلامة ابن رجب رحمه الله عند شرحه للحديث: [فيه إشارة إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه، واجتنابه للمحرمات واتقاءه للشبهات بحسب صلاح حركة قلبه ؛ فإن كان قلبه سليماً ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه، صلحت حركات الجوارح كلها ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات وإن كان القلب فاسداً قد استولى عليه إتباع هواه، وطلب ما يحبه ولو كرهه الله فسدت حركات الجوارح كلها، وانبعثت إلى كل المعاصي والمشتبهات بحسب إتباع هوى القلب] (3).
    ولنتأمل هذا الحديث الشريف (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) (4) إفشاء السلام سلوك كوّن المشاعر (الحب) وهذان أثرا في زيادة الإيمان.
    وفي واقعنا نرى أن الأوضاع السلوكية تؤثر على المشاعر فالشخص المرتبك الخجول يحتاج إلى تغيير وضعه كرفع الرأس واعتدال القامة حتى يتغلب على مشاعر الارتباك والقلق، وأكثر الأشخاص العدوانيين في سلوكهم يحملون مشاعر الكره لمن يعادونهم إضافة إلى فكر الانتقام والإجرام.
    فالسلوك إذن يعبر عن الفكر والمشاعر ويظهر نتيجةً لهما.
    وبهذا نخلص إلى تعريف الأخلاق بأنها:
    هيئة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال بيسر وسهولة من غير حاجة إلى فكر وروية (5).
    شرح التعريف:
    هيئة راسخة: هي عبارة عن الفكر الذي يحمله والمشاعر التي يبطنها.
    الأفعال: ويعني السلوك.
    بيسر وسهولة: أي تلقائية.
    من غير فكر ولا روية: أي من غير إعمال العقل والتفكير في العواقب.
    فالذي يكظم غيظه ويعفو حياءً من نظر الآخرين لا يُعدّ حليماً، والذي يدفعه الحَرَج والسمعة إلى الإنفاق لا يعدّ كريماً... وهكذا.
    وبحسب هذه الأفعال والمشاعر والفكر فإن كانت حسنة كان الخلق حسناً،وإن كانت سيئة كان الخلق سيئاً.
    الهوامش:
    (1)
    سورة الأعراف آية 58.
    (2)
    أخرجه البخاري باب فضل من استبرأ لدينه ح52-1/28، ومسلم باب أخذ الحلال وترك الشبهات ح1599-3/1219.
    (3)
    جامع العلوم والحكم 1/210.
    (4)
    أخرجه مسلم باب لا يدخل الجنة إلا المؤمنون 2/35 مع شرح النووي.
    (5)
    التعريفات للجرجاني ص101.

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 7:49 pm

    أركان الأخلاق
    قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى:[حسن الخلق يقوم على أربعة أركان لا يتصور قيام ساقه إلا عليها؛ الصبر والعفة والشجاعة والعدل] (1) وعند ابن مسكوية الحكمة بدل الصبر (2).
    الصبــر
    الصبر لغة: الحبس (3).
    الصبر اصطلاحاً: حبس النفس على طاعة الله تعالى حتى لا تفارقها، وعن معصية الله تعالى حتى لا تقربها، وعلى قضاء الله تعالى حتى لا تجزع له ولا تسخط عليها (4).
    فالصبر إذاً له ثلاثة أنواع هي:
    أولاً: صبر على طاعة الله تعالى: وذلك أن العبادات من أركان وغيرها تحتاج إلى صبر لآدائها والمداومة عليها؛ فبعضها قد يكون ثقيلاً على البدن بسبب النفقة والتعب كالحج، وبعضها يكون ثقيلاً بسبب البخل كالزكاة والصدقة، وبعضها يكون ثقيلاً لمشقة المداومة والحفاظ على المواقيت كما في الصلاة. ولهذا قال سبحانه (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ)(5) وقال عز وجل: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا)(6)والاصطبار هو المبالغة في الصبر.
    ثانياً: صبر عن معصية الله تعالى وهو أن يكف الإنسان نفسه عما حرم الله تعالى؛ بمجاهدة نفسه الأمارة بالسوء: (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي)(7) والشيطان، وقرين السوء؛ فقد ابتلى الله تعالى عباده بعضهم ببعض، يزين بعضهم لبعض المعاصي ويدعو بعضهم بعضاً إلى الشهوات قال سبحانه: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ)(8) قال العلامة ابن كثير رحمه الله:[أي اختبرنا بعضكم ببعض وبلونا بعضكم ببعض، لنعلم من يطيع ممن يعصي](9).
    ثالثاً: الصبر على أقدار الله تعالى المؤلمة، قال سبحانه وتعالى: ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)) (10) فهذه أنواع من البلايا تحتاج إلى صبر وتصبر، والإنسان عند حلول المصيبة له أربع حالات:
    الحالة الأولى: أن يتسخط إما بقلبه أو بلسانه أو بجوارحه، والتسخط بالقلب أن يكون في قلبه شيء على ربه من السخط والشره على الله والعياذ بالله.
    وأما باللسان فبالتلفظ بكلمات تدل على سخطه وعدم رضاه بقضاء الله.
    وأما بالجوارح مثل أن يلطم خده أو يصفع رأسه، أو يشدّ شعره، أو يشق ثوبه، وما أشبه هذا.
    وحال السخط هذه حال الهلعين الذين حرموا من الثواب ولم ينجوا من المصيبة بل الذين اكتسبوا الإثم؛ فصار عندهم مصيبتان، مصيبة في الدين بالسخط، ومصيبة في الدنيا لما أتاهم مما يؤلمهم.
    الحالة الثانية: فالصبر على المصيبة بأن يحبس نفسه وهو يكره المصيبة ولا يحبها ولا يحب أن وقعت، لكن يصبر نفسه ولا يسخط.
    الحالة الثالثة: الرضا بأن يكون الإنسان منشرحاً صدره بهذه المصيبة ويرضى بها رضاءً تاماً وكأنه لم يصب بها.
    الحالة الرابعة: الشكر فيشكر الله عليها وكان الرسول عليه الصلاة والسلام إذا رأى ما يكره قال: الحمد لله على كل حال، فيشكر الله من أجل أن يرتب له من الثواب على هذه المصيبة أكثر مما أصابه.
    ومن هذا النوع الصبر على أذى الناس؛ فمخالطتهم لأجل الدعوة إلى الله تعالى والتعليم والتوجيه يحتاج إلى صبر واحتمال وهذا ما نجده في التوجيهات القرآنية الكريمة قال سبحانه: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) (11) ويقول سبحانه: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) (12)، ويقول عز وجل: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (13) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم إذا كان مخالطاً الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) (14).
    وهذا الرسول الكريم يوسف عليه السلام يجد أنواع الصبر الثلاثة؛ فصبر على أقدار الله تعالى حين ألقي في البئر، وحين سجن بضع سنين.
    وصبر على طاعة الله تعالى فهو في السجن يعبد الله تعالى، ويدعو إلى عبادته وتوحيده. وصبر عن معصية الله تعالى حينما دعته امرأة العزيز إلى نفسها فصبر وامتنع، ثم كانت له العاقبة الحسنى في الدنيا والآخرة.

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 7:50 pm

    ومما يعين على التخلق بخلق الصبر أمور هي:
    1- دعاء الله تعالى والاستعانة به وعدم العجز؛ فهذا خليل الله تعالى إبراهيم عليه السلام كان يدعو فيقول كما أخبر عنه سبحانه: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ)(15) ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يعلم معاذاً أن يقول دبر كل صلاة: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)(16). وينهى عن العجز فيقول: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)(17) وفي كل صلاة؛ بل في كل ركعة نقرأ في فاتحة الكتاب (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
    2-
    تذكر أن طريق الجنة محفوف بالمكاره وطريق النار محفوف بالشهوات؛ فالعبرة بآخر الطريق لا بأوله فمن خاف وصبر نجا وفاز قال عليه الصلاة والسلام: (حُجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره)(18). قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: [(وحفت الجنة بالمكاره) يعني أحيطت بما تكره النفوس؛ لأن الباطل محبوب للنفس الأمارة بالسوء والحق مكروه لها، فإذا تجاوز الإنسان هذا المكروه وأكره نفسه الأمارة بالسوء على فعل الواجبات وعلى ترك المحرمات، فحينئذ يصل إلى الجنة. ولهذا تجد الإنسان يستثقل الصلوات مثلاً، ولا سيما في أيام الشتاء وأيام البرد، ولا سيما إذا كان في الإنسان نوم كثير بعد تعب وجهد، فتجد الصلاة ثقيلة عليه ويكره أن يقوم يصلي ويترك الفراش اللين الدافئ، ولكن إن هو كسر هذا الحاجب وقام بهذا المكروه وصل إلى الجنة. وكذلك النفس الأمارة بالسوء تدعو صاحبها إلى الزنا، والزنا شهوة وتحبه النفس الأمارة بالسوء، لكن إذا عقلها صاحبها وأكرهها على تجنب هذه الشهوة؛ فهذا كره له، ولكن هو الذي يوصله إلى الجنة؛ لأن الجنة حفت بالمكاره](19).
    3-
    أن يتفكر في حال الدنيا وأهلها الذين اتبعوا شهواتهم، ونالوا جُلّ لذاتهم، وما شبعوا منها وما قنعوا، ثم ماذا؟ رحلوا عنها وما حملوا معهم ما جمعوا ولا ما اختصموا عليه؛ رحلوا وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ليلقوا شرّ ما عملوا، ولهذا فمتاع الدنيا متاع الغرور، [وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى شيئاً يعجبه من الدنيا قال: (اللهم إن العيش عيش الآخرة)(20) وهما كلمتان عظيمتان، فالإنسان إذا نظر إلى الدنيا ربما تعجبه فيلهو عن طاعة الله، فينبغي أن يذكر نعيم الآخرة عند ذلك، ويقارن بينه وبين هذا النعيم الدنيوي الزائل، ثم يُوطن نفسه ويرغبها في هذا النعيم الأخروي الذي لا ينقطع، ويقول (اللهم إن العيش عيش الآخرة). وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم فعيش الدنيا – مهما كان – زائل، ومهما كان فمحفوف بالحزن، ومحفوف بالآفات، ومحفوف بالنقص] (21).
    4-
    أن يتذكر ما أعدّه الله تعالى للصابرين على طاعته الصابرين عن معصيته الصابرين على أقداره؛ من الثواب العظيم الذي لا يُقدر بقدر قال سبحانه: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)(22). فما من قربة إلا وأجرها بتقدير وحساب إلا الصبر، ولأجل أن الصوم من الصبر كان أجره أيضاً عظيماً بغير تقدير، كما أن في المصائب تكفير للذنوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما يصيب المسلم من نَصب ولا وَصب ولا هم ولا أذى ولا غمٍ حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه)(23). وفي الحديث: (سبعة يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابّا في الله، اجتمعا عليه، وتفرّقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) (24). فمن صبر وخاف نجا وفاز قال الله تعالى حاكياً عن حال أهل الجنة: (إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) (25) صبروا على طاعة ربهم، وصبروا عن معصيته، وخافوا عقابه، فأمّنهم يوم يلقونه وأثابهم خلوداً في جنات النعيم، فهنيئاً لهم.
    5-
    أن الله تعالى قد وعد الصابرين بأنه معهم فقال: (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)(26) أي أن الصابر مُعان من قبل الله، وأن الله يعين الصابر ويؤيده ويكلؤه حتى يتم له الصبر على ما يحبه الله عز وجل. ولهذا أيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصبر ضياء) (27) يعني أنه ضياء يهدي الإنسان عندما تشتد به الكربات إلى الحق، فتطمئن نفسه ويهدأ وجدانه - ولو بعد حين - وينال رضا ربه سبحانه، وعبّر عن ذلك بالضوء؛ لأن الضوء فيه حرارة كضوء الشمس والصبر فيه مشقة كبيرة وتعب(28).
    الأخلاق التي تندرج في خلق الصبر:
    - الصبر على الطاعة وعن المعصية يسمى استقامة.
    -
    الصبر عن شهوة البطن والفرج يسمى عفة.
    -
    الصبر في القتال يسمى شجاعة.
    -
    الصبر في كظم الغيظ يسمى حلماً.
    -
    الصبر في إخفاء أمر يسمى كتمان السر.
    -
    الصبر عن فضول العيش يسمى زهداً.
    -
    الصبر على قدر يسير من الحظوظ يسمى قناعة.
    وبذلك تكون أكثر الأخلاق الإسلامية داخلة في الصبر، واكتساب صفة الصبر يحمل على اكتساب جملة كبيرة من الأخلاق (29

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 7:51 pm

    الهوامش:
    (1)
    مدارج السالكين 3/73.
    (2)
    تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق ص26.
    (3)
    انظر لسان العرب 4/438، مختار الصحاح 1/149.
    (4)
    انظر لسان العرب 4/439، شرح رياض الصالحين 1/324.
    (5)
    سورة مريم آية 65.
    (6)
    سورة طه آية 132.
    (7)
    سورة يوسف آية 53.
    (8)
    سورة الفرقان آية 20.
    (9)
    تفسير القرآن العظيم ص960.
    (10)
    سورة البقرة الآيات 155-157.
    (11)
    سورة الكهف آية 28.
    (12)
    سورة الشورى آية 43
    (13) سورة آل عمران آية 134.
    (14)
    أخرجه الترمذي ح 2507-4/662، وابن ماجه باب الصبر على البلاء ح 4032-2/1338 وصححه الألباني، وأحمد ح 5022-2/43.
    (15)
    سورة إبراهيم آية 40.
    (16)
    أخرجه النسائي ك الشكر باب نوع آخر من الدعاءح 1303-3/53، وأبو داود باب في الاستغفار ح 1522-2/86، وأحمد ح 22172-5/244 قال المحقق شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح غير عقبة بن مسلم، وأخرجه الحاكم ذكر مناقب أحد الفقهاء الستة ح 5194-3/307 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وابن حبان ذكر الأمر بسؤال العبد ربه أن يعينه على ذكره ح 1303-3/53.
    (17)
    أخرجه مسلم في الإيمان بالقدر 16/215 مع شرح النووي.
    (18)
    متفق عليه البخاري في الرقاق ح (6487) ومسلم بنحوه في الجنة وصفة نعيمها 18/165 مع شرح النووي.
    (19)
    شرح رياض الصالحين 1/323،324.
    (20)
    جزء من حديث أخرجه البخاري في الجهاد والسير باب التحريض على القتال ح 2679-3/1043، ومسلم في الجهاد والسير باب غزوة الأحزاب ح 1805-3/1431.
    (21)
    شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/618.
    (22)
    سورة الزمر آية 10.
    (23)
    متفق عليه أخرجه البخاري باب في كفارة المرض ح 5318-5/2137، ومسلم ح 2573-4/1992..
    (24)
    متفق عليه البخاري ك الصلاة باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة ح 629-1/234، ومسلم باب فضل إخفاء الصدقة ح 1031-2/715.
    (25)
    سورة الإنسان من آية 5 إلى 12.
    (26)
    سورة البقرة آية 153.
    (27)
    جزء من حديث أخرجه مسلم في الطهارة ح 223-1/203.
    (28)
    انظر شرح رياض الصالحين ص72 و ص74-76.
    (29)
    انظر مختصر منهاج القاصدين ص294،295، و مدارج السالكين 3/73
    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 7:52 pm

    بسم الله الرحمن الرحيم
    (لاَ يَسْأَلُوْنَ النَّاْسَ إِلْحَاْفاً)
    قال تعالى: (لِلْفُقَرَاْءِ الَّذِيْنَ أُحْصِرُوْا فِيْ سَبِيْلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيْعُوْنَ ضَرْباً فِيْ الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاْهِلُ أَغْنِيَاْءَ مِنَ الْتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيْمَاْهُمْ لاَ يَسْأَلُوْنَ النَّاْسَ إِلْحَاْفاً وَمَاْ تُنْفِقُوْا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيْمْ )(1).
    في هذه الآية يثني سبحانه على المتعففين الذين لا يسألون الناس شيئاً ، وينفي عنهم الشره والضراعة التي تكون من الملحين بالسؤال ، ويرغّب سبحانه عباده إلى المبادرة بالإحسان إلى المتعففين ، وعدم إعوازهم إلى السؤال(2).
    وتوعّد النبي -صلى الله عليه وسلم- من سأل الناس استكثاراً فقال: (لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس في وجهه مُزعة لحم)(3)، ومعناه أنه يأتي يوم القيامة ذليلاً ساقطاً لا وجه له عند الله تعالى ، أو هو على ظاهره بمعنى أنه يُحشر يوم القيامة ووجهه عظم لا لحم عليه عقوبة له وعلامة على ذنبه حين طلب وسأل بوجهه ، وهذا فيمن سأل الناس لغير ضرورة استكثاراً(4) كما في الحديث الآخر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من سأل الناس أموالهم تكثراً ، فإنما يسأل جمراً ، فليستقل أو ليستكثر)(5) وهذا أمر على وجهة التهديد ، أو على وجهة الإخبار عن مآل حاله ، ومعناه أنه يعاقب على القليل من ذلك والكثير(6).
    لكن إذا أُعطي الإنسان شيئاً لم يسأله أو يطلبه فذلك رزق ساقه الله إليه وهذا ما فهمه ابن عمر رضي الله عنهما من مجموع حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فعن القعقاع بن حكيم قال : كتب عبد العزيز بن مروان إلى ابن عمر أن ارفع إلي حاجتك ، قال : فكتب إليه ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: (اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول) ولست أسألك شيئاً ، ولا أرد رزقاً رزقنيه الله منك(7).

    (1) سورة البقرة آية 273 .
    (2) انظر تفسير الطبري 3/97-100 .
    (3) أخرجه البخاري ك الزكاة باب ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة... ح 1405-2/536 ، و مسلم واللفظ له ك الزكاة باب كراهة المسألة للناس ح 1040-2/720
    (4) انظر شرح النووي 7/130 .
    (5) أخرجه مسلم باب كراهة المسألة للناس ح 1041-2/720 .
    (6) انظر الديباج على مسلم 3/120 .
    (7) أخرجه أحمد ح 4474-2/40 قال شعيب الأرناؤوط : حديث صحيح وهذا إسناد حسن .

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 7:55 pm

    بسم الله الرحمن الرحيم
    العمل العمل
    عن كعب بن عجرة قال: مرّ على النبي - صلى الله عليه و سلم - رجل، فرأى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه و سلم - من جَلده ونشاطه، فقالوا: يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله ؟ فقال (إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان)(1). فهنا بلغ النبي - صلى الله عليه و سلم - بالعمل لإعفاف النفس منزلة الجهاد في سبيل الله ، وإن كان الجهاد منازل ودرجات .
    وجعل النبي - صلى الله عليه و سلم - أطيب المال ما كان من كسب اليد ، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم - (ما أكل أحد طعاماً قط خير من عمل يده ، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده )(2).
    [والحكمة في تخصيص داود عليه السلام بالذكر أن اقتصاره في أكله على ما يعمله بيده لم يكن من الحاجة ؛ لأنه كان خليفة في الأرض كما قال الله تعالى ، وإنما ابتغى الأكل من طريق الأفضل ، ولهذا أورد النبي - صلى الله عليه و سلم - قصته في مقام الاحتجاج بها على ما قدّمه من أن خير الكسب عمل اليد](3).
    وحثّ عليه الصلاة والسلام على العمل أياً كان ، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله صلى الله - صلى الله عليه و سلم - (لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه)(4).
    وكان يُعلِّم أصحابه كيف يتدبرون أمر معاشهم حتى لا تعوزهم الحاجة إلى السؤال ، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رجلاً من الأنصار أتى النبي - صلى الله عليه و سلم - يسأله ، فقال له: (أما في بيتك شيء ؟) قال: بلى؛ حِلس نلبس بعضه ونبسط بعضه ، وقعب نشرب فيه من الماء ، قال: (ائتني بهما) فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله بيده ، وقال: (مَن يشتري هذين ؟) قال رجل : أنا آخذهما بدرهم ، قال (مَن يزيد على درهم ؟) مرتين أو ثلاثاً ، قال رجل : أنا آخذهما بدرهمين ، فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري ، وقال: (اشترِ بأحدهما طعاماً فانبذه إلى أهلك ، واشتر بالآخر قدوماً فأتني به) فأتاه به فشدّ فيه رسول الله عوداً بيده ، ثم قال له: (اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوماً) فذهب الرجل يحتطب ويبيع ، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوباً وببعضها طعاماً، فقال النبي - صلى الله عليه و سلم - (هذا خيرٌ من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة ، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة ؛ لذي فقر مدقع ، أو لذي غرم مفظع ، و لذي دم موجع)(5).

    (1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ح 282-19/129 قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياي ح1455-2/1018 : رواه الطبراني في معاجمه الثلاثة من حديث كعب بن عجرة بسند ضعيف . وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/325 :ورجال الكبير رجال الصحيح .
    (2) أخرجه البخاري باب كسب الرجل ..ح 1966- 2/730 .
    (3) فتح الباري 4/306 .
    (4) أخرجه البخاري باب كسب الرجل وعمله بيده ح 1968-2/730 .
    (5) أخرجه أبو داود باب ما تجوز فيه المسألة ح 1641-2/120 ، وابن ماجه باب بيع المزايدة ح 2198-2/740 ، وأحمد ح 12155-3/114 قال الأرناؤوط : إسناده ضعيف لجهالة حال أبي بكر الحنفي ، وللقطعة الأخيرة منه ( إن المسألة .... ) شواهد تصح بها .

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 7:56 pm

    اليد العليا خير من اليد السفلى
    قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول ، وخير الصدقة عن ظهر غنى ، ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله)(1)
    يمتدح النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث الذي يعطي دون الذي يأخذ ، ويصف يد المعطي بالعليا ويد الآخذ بالسفلى ، وفيه أيضاً بشارة للمتعفف بالغنى وزوال الاحتياج بإذن الله تعالى ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبتدر صحابته من أراد منهم السؤال بهذا الحديث لينالوا بركة التعفف فعن حكيم بن حزام قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - لأسأله، فقال: (إن مَن يسأل الناس فيُعطى يكون كالذي يأكل ولا ينفعه ما أكل ، اليد العليا خير من اليد السفلى ، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ، وابدأ بمن تعول) قال حكيم: فقلت يا رسول الله والذي أكرمك لا آخذ من أحد شيئاً أبداً(2).
    وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: أعوزنا مرة فقيل لي: لو أتيت رسول الله فسألته، فانطلقت إليه معنقاً، فكان أول ما وجهني به (من استعفّ أعفه الله ، ومن استغنى أغناه الله ، ومن سألنا لم ندخر عنه شيئاً نجده) قال: فرجعت إلى نفسي فقلت: ألا استعف فيعفني الله، فرجعت فما سألت رسول الله شيئاً بعد ذلك من أمر حاجة حتى مالت علينا الدنيا فغرقتنا إلا من عصم الله(3).

    (1) متفق عليه البخاري ك الزكاة باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى ح 1361-2/518 ، ومسلم ك الزكاة باب بيان أن اليد العليا خير ..ح 1033-2/717.
    (2) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ح 3124-3/201. (3) أخرجه الطبري في تفسيره 3/99.

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 7:58 pm

    الصّيام مدرسة الأخلاق
    العفّة
    عن عبد الرحمن بن يزيد قال: دخلتُ مع علقمة والأسود على عبد الله فقال عبد الله:كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم شباباً لا نجد شيئا فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)(1).
    حينما تهبُّ نسائم الإيمان في شهر البرِّ و الإحسان، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، تلفح المؤمنين نفحات التقوى و الصلاح، والجود و العطاء، ويتألَّق ميدان السباق إلى الخيرات و الظفر بأكبر رصيد من الحسنات، وترى المشمِّرين لباب الريّان في الجنة فرحين بما أفاء الله عليهم من بركات هذا الشهر الفضيل، و رحمات رب العالمين، حيث تُغفر خطايا المذنبين، ويتوب الرحمن على التائبين النادمين، و تتضاعف أجور المحسنين.
    في هذا الشهر الكريم... تنادي ملائكة الرحمن.. يا باغي الخير أقبل.. هلمّ إلى ركاب الفائزين، اغتنم هذا الموسم العظيم بالتقرب لرب العالمين، فمن حرم فيه الخير فهو المحروم المخذول المحسور.
    و في هذه الأيام المعدودة تغشى المؤمنين سحائب الرحمة و أنوار الهداية.. فتلقى المسرفين المقصّرين في عبادة الله تعالى في شوق إلى طاعته، و ندم على معصيته، قد صاموا مع الصائمين، و صلّوا في المساجد مع الراكعين الساجدين.
    فواعجباً لتأثير هذه العبادة العظيمة على جوارحهم و سجاياهم في صلاحها و استقامتها.
    إن سرّ التأثير يكمن في أن الصيام عبادة قيّمة، و ركن عظيم، يهذِّب الطِّباع و يربّي النفس على العفّة و الصّيانة، وإن كانت في صورته الامتناع عن الأكل و الشرب، فإن حقيقته في الكفّ عما نهى الله تعالى عنه من الأقوال و الأفعال و الأخلاق.

    كم قد ظفرت بمن أهوى فيمنعني منه (الصيام), وخوف الله, والحذر
    كذلك الحـبُّ لا إتيان معـصيةٍ لا خير في لذّةٍ من بعدها سقـر
    (2)
    و يؤكد هذا المعنى العظيم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للشباب الذين رآهم في مرحلة القوة و الفتوة و الحاجة إلى النكاح: (يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج) حيث يكون النكاح محصِّنا للفرج من الشهوات المحرمة، ثم أردف ذلك بعبارة أخرى يخاطب بها أولئك الشباب الذين ضاقت بهم الحالة المادية فعجزوا عن النكاح بقوله: (ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
    وهنا يلفت النبي - صلى الله عليه وسلم - انتباهنا ؛ حيث جعل الصوم بديلا صالحاً عن النكاح (لمن قُدِر عليه رزقه) لتحقيق العفّة، و التأكيد على الصيانة، و قطع الشهوة المحرمة، كما كان الوجاء وهو رض الخصيتين قاطعا لشهوة النكاح و مانعاً منهاً.
    و لم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم -: فعليه بالجوع، الذي يعتبر أحد مظاهر الصيام ؛ لأن مجرد الامتناع عن المباحات لا يكفي لتهذيب النفس و إصلاحها، ما لم تكن النية مَعْقودة و الأركان مَقُودة للتخلّي عن المحرمات
    و التحلّي بالطاعات تقرباً لرب البريّات.(3)

    (1) متفق عليه، صحيح البخاري ج5/ص1950، صحيح مسلم ج2/ص1019.
    (2) اقتباس من قصيدة أبي عبد الله الواسطى.
    (3) ينظر شرح الحديث في: فتح الباري ج9/ص110، النووي على صحيح مسلم ج9/ص173.

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 7:59 pm

    العـفـة
    العفة هي النزاهة عن الرذائل والقبائح من الأعمال والأقوال(1)، وهي تُقصد في العِرض، والمال. والنوع الأول هو المقصود بالعفة عند الإطلاق.
    وإن أردت أن ترى روعة هذا الخلق الجميل ماثلاً في مجتمع ما؛ فتأمّل ذلك المجتمع الذي رباه النبي - صلى الله عليه وسلم -، المجتمع الذي ينطف بالطهر والعفاف ابتداءً بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وانتهاءً بذلك الصحابي الجليل الذي أحرقته نار المعصية لما زلّت به القدم فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (طهرني)(2) وتلك الصحابية الجليلة التي أغواها الشيطان فزلت بها القدم فجعلت تتردد على النبي - صلى الله عليه وسلم - تصيح من حرّ المعصية (طهرني طهرني)(3) فيمهلها حتى تضع حملها ثم تتم رضاع طفلها، ثم تفطمه؛ فتأتيه وبيد طفلها قطعة خبز حتى لا يردها.
    ذلكم العفاف والطهر الذي جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الموت دونه شهادة والدفاع عنه جهاد، قال - صلى الله عليه وسلم - (من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله أو دون دمه أو دون دينه فهو شهيد)(4). وكان الحفاظ على الأعراض والمنع من الاعتداء عليها وصية المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في أخريات أيام حياته، فقال في خطبة الوداع (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا)(5).
    ومن أجله شرع الإسلام أموراً كثيرة، وحرم أموراً أخرى، وسوف نستعرض تلك التشريعات في الحلقات القادمة بإذن الله تعالى.



    (1)
    انظر مدارج السالكين 3/73 و النهاية3/264.
    (2) قصة الصحابي ماعز بن مالك -رضي الله عنه- أخرجها مسلم باب من اعترف على نفسه بالزنا ح 1695-3/1321.
    (3) قصة المرأة الغامدية رضي الله عنها أصلها في صحيح مسلم وهي بتمامها عند أحمد ح 22999-5/348 قال شعيب الأرناؤوط: صحيح.
    (4) أخرجه أبو داود باب في قتال اللصوص ح 4772 -4/246، والترمذي باب فيمن قتل دون ماله فهو شهيد ح 1421- 4/30 وقال حسن صحيح، والنسائي باب من قاتل دون أهله ح 4094-7/ 126، وأحمد ح1652-1/190 قال شعيب الأرناؤوط: إسناده قوي.
    (5) متفق عليه أخرجه البخاري باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - رب مبلغ أوعى من سامع ح67-1/37، ومسلم باب في حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ح 1218-2/886.

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 8:00 pm


    لأجـل العفـة
    أولاً: حث على النكاح فقال عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)(1)، بل وعد بالعون لمن أراد النكاح ليعف به نفسه فقال عليه الصلاة والسلام: (ثلاث حق على الله تعالى عونهم – وذكر منهم – الناكح يريد العفاف)(2)، وقال سبحانه: (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ....)(3)
    .
    ثانياً:حرّم الفواحش ورتب عليها حدوداً في الدنيا وعقوبات في الآخرة لمن لم ينزجر عنها، قال سبحانه: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ...)(4). فحد الزاني المحصن مثلاً الرجم حتى الموت، وغير المحصن الجلد مائة، ومن انتكست فطرته فاكتفى بمثله؛ رجل ورجل، امرأة وامرأة، أو مع الدواب، فحده كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اقتلوا الفاعل والمفعول به)(5) ولا عجب من هذه الشدة في العقوبة لأن داعي الشهوة يقوى مع ضعف داعي الإيمان في النفس، ويتسلط الشيطان وقرناء السوء، فيعم بذلك الفساد في الأرض، ولا رادع عندئذ لهذه الأهواء إلا العقوبات الشديدة. أضف إلى هذا أن الإسلام لم يضع الحدود إلا بعد أن وضع السياجات الحامية للمجتمع من الفساد والوقوع في الرذيلة. فإن أبى مجتمع ما إلا أن يخلع ثوب العفة وينغمس في وحل الرذيلة، سلّط الله تعالى عليه عقوبات دنيوية علّه ينفكّ ويكف، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن، لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا …)(6).



    (1)
    أخرجه البخاري باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة ح 1806-2/673، ومسلم باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه..ح 1400-2/1018.
    (2) أخرجه الترمذي باب ما جاء في المجاهد... ح 1655-4/184 وقال حديث حسن، وابن ماجه ح 2518-2/841، والنسائي في الكبرى باب في المكاتب ح 5014-3/194، وأحمد ح 7410-2/251 قال الأرناؤوط: إسناده قوي رجاله ثقا رجال الشيخين غير محمد بن عجلان، وابن حبان ثلاث حق على الله...ح 4030-9/339.
    (3) سورة النور آية 32و33.
    (4) سورة الأعراف آية 33.
    (5) أخرجه أبو داود باب فيمن عمل عمل قوم لوط ح4462-4/158، والترمذي باب ما جاء في حد اللوطي ح 1456-4/57، وابن ماجه باب فيمن عمل عمل قوم لوط ح2561-2/856، وأحمد ح2727-1/300، والحاكم ك الحدود ح 8050-4/396 وسكت عنه الذهبي.وانظر كتاب الكبائر للذهبي ص55 وما بعدها.
    (6) رواه ابن ماجه ك الفتن باب22 العقوبات ح4019-2/1332، والحاكم ك الفتن والملاحم باب ذكر خمس بلاء أعاذ النبي منها للمسلمين 4/540 قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في صحيح الجامع ح7855-6/306، وفي السلسلة الصحيحة ح106-1/168

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 8:03 pm

    لأجــــل العفــــة
    سادساً: النهي عن الاختلاط: فالاختلاط منهي عنه في أعظم العبادات وهي الصلاة فللرجال صفوف وللنساء صفوف وفي الحديث: (خير صفوف الرجال أولها وخير صفوف النساء آخرها)(1)، وقد خص النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء بيوم يعلمهن فيه أمور دينهن حتى لا يحتجن إلى الاختلاط لطلب العلم، وكان يقول لهن عليكم بحافات الطريق(2)، حتى لا يختلطن بالرجال. ولا يخفى ما للمباعدة بين الرجال والنساء من الحفاظ على عفة المجتمع وسلامته من الفساد.
    سابعاً: النهي عن الخلوة قال عليه الصلاة والسلام: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)(3).
    ثامناً: شرع الاستئذان قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(4). قال القرطبي رحمه الله: (لما خصص الله سبحانه ابن آدم الذي كرمه وفضله بالمنازل، وسترهم فيها عن الأبصار، وملّكهم الاستمتاع بها على الانفراد، وحجر على الخلق أن يطلعوا على ما فيها من خارج أو يلجوها من غير إذن أربابها، أدّبهم بما يرجع إلى الستر عليهم لئلا يطلع منهم على عورة...سواء كان الباب مغلقاً أو مفتوحاً ؛ لأن الشرع قد أغلقه بالتحريم للدخول حتى يفتحه الإذن من ربه، بل يجب عليه أن يأتي الباب ويحاول الإذن على صفة لا يطّلع منه على البيت لا في إقباله ولا في انقلابه)(5)، وشرع الاستئذان أيضاً للأطفال على آبائهم في ثلاث أوقات كما في قوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ...)(6).
    تاسعاً: شرع الله الحجاب على المرأة وأمرها بستر زينتها عن الرجال الأجانب قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)(7)، قال ابن عباس رضي الله عنه: (أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب)(8). وقال سبحانه: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا...) - إلى قوله سبحانه – (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(9)، وهذا بأمر بإخفاء الزينة كلها إلا ما ظهر بنفسه من غير قصد منها كأطراف الثياب ونحو ذلك دون الوجه الذي هو أعظم الزينة ومكمن الجمال والفتنة فهو لا يظهر إلا بفعل من المرأة وقصد، ومن الزينة التي نهيت المرأة عن إبدائها (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ) أي لا تضرب المرأة برجلها إذا مشت لتُسمع صوت خَلخالها، فإسماع صوت الزينة كإبداء الزينة والغرض التستر(10)، كما نهيت المرأة أيضاً عن التعطر والخروج بحضرة الرجال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد لم تقبل لها صلاة حتى تغتسل)(11)، هذا في خروجها إلى المسجد خير البقاع فكيف بخروجها إلى الأسواق ونحوها.
    عاشراً: يشرع دعاء الله تعالى وسؤاله العفة والحياء فقد كان من أدعية المصطفى - صلى الله عليه وسلم - (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى)(12), (اللهم إني أسألك الصحة والعفة، والأمانة وحسن الخلق، والرضا بالقدر)(13)، وقال أبو هريرة -رضي الله عنه-: (أول ما يُرفع من هذه الأمة الحياء، والأمانة فسلوهما الله)(14).


    (1) أخرجه مسلم باب تسوية الصفوف...ح 440-1/326.
    (2) أخرجه أبو داود باب في مشي النساء مع الرجال في الطريق ح 5272-4/369، والطبراني في الكبير ح 580-19/261.
    (3)
    أخرجه أحمد ح 177-1/26 قال الأرناؤوط: حديث صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، والنسائي في الكبرى باب خلوة الرجل بالمرأة ح 9219-5/387، وابن حبان ذكر الزجر أن يخلو المرء بامرأة أجنبية ح 5586-12/399.
    (4) سورة النور آية 27.
    (5) الجامع لأحكام القرآن 12/212-220.
    (6) سورة النور آية 58.
    (7) سورة الأحزاب آية 59. وقد اتفق العلماء قاطبة على وجوب ستر المرأة شعرها وسائر بدنها عن الرجال الأجانب بالجلباب الفضفاض الذي يستر تفاصيل البدن، وإنما اختلفوا في الوجه والكفين.
    (8) أخرجه الطبري في تفسيره 20/ 324.
    (9) سورة النور آية 31.
    (10) انظر الجامع لأحكام القرآن 1/237.
    (11) أخرجه أبو داود باب في المرأة تطيب للخروج ح 4174-4/79، و ابن ماجة باب فتنة النساء ح4002-2/1326وصححه الألباني، وأحمد ح 7350-2/246، وابن خزيمة باب إيجاب الغسل على المتطيبة للخروج إلى المسجد ح 1682-3/92.
    (12) أخرجه مسلم باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل ح 2721-4/2087.
    (13) أخرجه البخاري في الأدب المفرد باب من دعا الله أن يحسن خلقه ح (307)، والخرائطي في مكارم الأخلاق ح (166).
    (14) أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق ح (178).

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 8:05 pm

    أخلاق الحاج
    رغم أن الحج مرة واحدة، - ليس في الشهر ولا في العام وإنما في العمر كله - إلا أن تأثيره يمتد بقية عمر الإنسان إن أحسن المرء حجه وأخلصه.
    ولما كان الله تعالى أوجبه على العباد مرة واحدة في العمر، ولمن استطاع إليه سبيلاً وأجزل الثواب عليه وعظمه، علّق ترتب الثواب عليه لمن أدى الواجبات والأركان وصان حجه عن الآثام.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (مَن حج لله فلم يَرْفُث ولم يَفْسُق رجع كيوم ولدته أمه)(1).
    وقال الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ)(2).
    ففي الآية والحديث نهي عن الرفث، وقد اختلف في المقصود به، فقيل الرفث الجماع، ومقدماته القولية والفعلية، وقيل: هو عام يعم كل فحش في القول والفعل، ونهي عن الفسوق وهو المعاصي(3). ونهي عن الجدال.
    فعلى الحاج أن يحفظ بصره فلا يطلقه فيما حرم الله النظر إليه، فإن كان رجلاً غض بصره عن النساء، وإن كانت امرأة غضت بصرها عن الرجال، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: كان الفضل رديف النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشِّق الآخر، فقالت: إن فريضة الله أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة، أ فأحج عنه ؟ قال (نعم) وذلك في حجة الوداع(4). وفي حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال له العباس: يا رسول الله لِمَ لويت عُنُق ابن عمك قال: (رأيت شاباً وشابة فلم آمن الشيطان عليهما)(5)، وجاء في بعض طرق الحديث بيان سبب سفور هذه المرأة، وأن سفورها لم يكن إلا أمام النبي صلى الله عليه وسلم لكن اطلع عليها الفضل رضي الله عنه لأنه كان رديفاً لرسول الله عليه الصلاة والسلام، فعن الفضل بن عباس قال: كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم وأعرابي معه بنت له حسناء فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء أن يتزوجها، وجعلت ألتفت إليها، ويأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأسي فيلويه، فكان يلبي حتى رمى جمرة العقبة)(6).
    وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للفضل حين غطى وجهه يوم عرفة: (هذا يوم مَن ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له)(7).
    وحتى يقطع النبي صلى الله عليه وسلم طمع الرجال في النساء والعكس، وحتى لا يجد الشيطان مدخلاً لدفعهم إلى إطلاق البصر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَنكِح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب)(8).
    كما أن الحاج مأمور بحسن الخلق مع إخوانه المسلمين، وترك الجدال والشجار والسباب والأذى أيّاً كان نوعه.
    ولعل مما يساعد على التآلف بين المسلمين واحتمال بعضهم لبعض استشعار الوحدة بينهم في اللباس والمكان والعمل والقصد.
    وإليك أخي الحاج هذه الكلمات من نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم
    (المسلم إذا كان مخالطاً الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)(9).

    (1) أخرجه البخاري في الحج باب فضل الحج المبرور ح1521-3/382 مع الفتح. ومسلم ك الحج باب فضل الحج والعمرة 9/119 مع شرح النووي.
    (2) سورة البقرة آية 197.
    (3) فتح الباري 3/382.وشرح النووي 9/119.
    (4) أخرجه البخاي في جزاء الصيد باب حج المرأة عن الرجل ح184-4/6 م فتح الباري ومسلم ك الحج باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما 9/98 مع شرح النووي.
    (5) أخرجه أحمد 1/7،76، والترمذي في الحج باب 53 ما جاء أن عرفة كلها موقف ح886-2/185 وقال حديث علي حديث حسن صحيح.
    (6) قال ابن حجر في فتح الباري 4/68:[ رواه أبو يعلى بإسناد قوي).
    (7) عزاه ابن حجر في الفتح 4/70 إلى أحمد وابن خزيمة.
    (8) أخرجه مسلم ك الحج باب تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته 9/193.
    (9) أخرجه الترمذي ح2507-4/662، وابن ماجه باب الصبر على البلاء ح 4032-2/1338 وصححه الألباني، وأحمد ح5022-2/43.

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 8:06 pm

    1- الحث على ستر العورات وهذا من أول ما عني به الإسلام لما في كشفها والتساهل فيها من إثارة نزعات السوء، ونزع ثوب العفة، والولوغ في وحل الرذيلة، فحدد العورات للرجال والنساء، وما يأتون منها وما يذرون، عن جرهد الأسلمي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرّ به وهو كاشف عن فخذه، فقال له: (غط فخذك، فإنها من العورة)(1)، وعن بهز بن حكيم -رضي الله عنه- قال: قلت:يا نبي الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: (احفظ عورتك إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك) قلت: يا رسول الله، إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: (إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يراها) قال قلت: يا نبي الله، إذا كان أحدنا خالياً؟ قال: (فالله أحق أن يُستحيا منه من الناس)(2).
    وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر)(3) فهنا جاوز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بموضوع الستر حدود الحلال والحرام إلى الكمال وابتغاء معالي الأمور، فهو أمر يحبه الله تعالى، وهو أحق بأن يستحيا منه من الناس، فلا تقف النفس عندئذ عند الحدود فتأتي ما حلّ كشفه من البدن وتستر ما حرّم، بل تسمو بعفافها وحيائها وسترها لتظفر بمحبة الله تعالى.
    وليس هذا فحسب بل أرشد سبحانه عباده إلى أن المزيد من الستر يعني المزيد من التقوى من خلال عقد الصلة بين لباس الظاهر ولباس الباطن في قوله تعالى (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)(4)، فكلاهما لباس ؛ هذا يستر عورات القلب والروح ويزينها بزينة الإيمان والحياء، والآخر يستر عورات الجسد ويزينه ويجمله بين الناس، وهما متلازمان ؛ فإذا زاد العبد تقى وإيمان زاد حياء وستراً، وكلما نقص ستره وحياؤه نقص تقواه ؛ فهذا الشيطان لم يبلغ مراده من آدم عليه السلام إلا حين عصى ربه وأكل من الشجرة فانكشف ستره وبدت سوأته قال سبحانه: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ...)(5)، وقال سبحانه: (يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا...)(6) فكانت أول فتنة للشيطان في اللباس.

    (1) أخرجه الترمذي ك الأدب باب ما جاء أن الفخذ عورة ح 2798 -5/111وقال: هذا حديث حسن، وصححه الألباني، وأحمد ح 15974-3/479، والدارمي ح2650-2/364.
    (2) أخرجه الترمذي ك الأدب باب ما جاء في حفظ العورة ح 2794 -5/110 وقال: هذا حديث حسن، وأبو داود باب ما جاء في التعري ح4017-4/40، وأخرجه البخاري مختصراً باب من اغتسل عرياناً ح20-1/107..
    (3) أخرجه أبو داود باب النهي عن التعري ح 4012-4/39، والنسائي باب الاستتار عند الاغتسال ح 406-1/200، وأحمد ح 17999-4/224 وقال الأرناؤوط: إسناده حسن.
    (4) سورة الأعراف آية 26. وانظر كتاب لباس الرجل أحكامه وضوابطه في الفقه الإسلامي 2/814.
    (5) سورة الأعراف من آية 20 إلى 22.
    (6) سورة الأعراف آية 27.

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 8:08 pm

    حفظ الجوارح (عفة الجوارح) قال سبحانه: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً)(1)، فالجوارح يوم القيامة تشهد على أصحابها بما عملوه في الدنيا قال سبحانه: (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(2)، وقال: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)(3)، ولهذا كان على المسلم حفظ جوارحه واستعمالها في طاعة الله تعالى.
    ونبتدئ بذكر حفظ البصر قال سبحانه: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا...)(4)، وغض البصر المأمور به شرعاً في هذه الآية معناه: كفه عن الاسترسال، فلا ينظر إلى الشيء بملء العين، وهو أدب لطيف عظيم من الله تعالى لعباده المؤمنين؛ أن يغضوا من أبصارهم عما حرم الله عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما يباح لهم النظر إليه، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم، فإذا صادف وقوع البصر على ما لا يحل لهم النظر إليه صرفوه سريعاً، وكفوه عما لا يحل(5). قال عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- :(يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة)(6)، قال ابن الجوزي:[وهذا لأن الأولى لم يحضرها القلب، ولا يتأمل بها المحاسن، ولا يقع التلذذ بها، فمن استدامها مقدار حضور الذهن كانت الثانية في الإثم](8). والأمر بغض النظر يعم كل المحرمات من النظر إلى النساء الأجنبيات، والنظر إلى العورات، والمنكرات ؛ لأن النظر بريد الزنا وسهم من سهام إبليس مسموم قال عليه الصلاة والسلام (النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، فمن غض بصره أورثه الله حلاوة يجدها في قلبه)(9). قال ابن القيم رحمه الله: [والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان، فإن النظرة تولد الخطرة، ثم تولد الخطرة فكرة، ثم تولد الفكرة شهوة، ثم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة، فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع مانع](10).
    حفظ السمع والمراد حفظه عن سماع المحرمات قال سبحانه: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ)(11) قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: [لما ذكر الله تعالى حال السعداء... عطف بذكر حال الأشقياء الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله وأقبلوا على استماع المزامير والغناء بالألحان وآلات لطرب، كما قال ابن مسعود في قوله تعالى: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) قال: هو والله الغناء](12)،وقال عليه الصلاة والسلام: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِر والحرير والخمر والمعازف...)(13). وقد سماه ابن القيم وغيره في كتابه القيم إغاثة اللهفان من مكائد الشيطان(14) بـ رقية الشيطان. ومثل الغناء كل كلام فاحش يحرم سماعه ولعل وسائل الإعلام مليئة بهذا فليكن المسلم والمسلمة على حذر من أن يصل إلى مسامعه ما يخدش حياءه ويصرع عفته. وقد وصف سبحانه المؤمنين بقوله: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)(15).
    حفظ اللسان فالإسلام ينهى عن الكلام الفاحش كله قال عليه الصلاة والسلام: (الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء والجفاء في النار)(16)، وقال: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء)(17)، والفحش والبذاء هو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة، وأكثر ما يكون ذلك فيما يتعلق بما يقع بين الرجل والمرأة، ولهذا ورد النهي الصريح عن التحدث بما يحصل بين الرجل وزوجته، وفي القرآن والسنة التكنية عن هذه الأمور بما يدل عليها دون التصريح؛ فهلا تأدب المسلمون بأدب الكتاب والسنة!. ومن الكلام الباطل قذف المحصنات المؤمنات قال سبحانه في التحذير منه (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ)(18). وكذلك نهى سبحانه النساء عن الخضوع بالقول مع الرجال الأجانب وهو إلانة الصوت وترقيقه قال سبحانه: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ)(19).
    حفظ اليد عن ملامسة المرأة الأجنبية – أي التي لا تحل له – قال أبو سهم رضي الله عنه مرت بي امرأة فأخذت بكشحها(20) ثم أطلقتها، فأصبح رسول الله يبايع الناس، فأتيته، فقال: (ألست بصاحب الجبذة بالأمس ؟) فقلت: بلى وإني لا أعود يا رسول الله فبايعني. وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يصافح النساء وينهى عن مصافحتهن(21)، وحذّر عليه الصلاة والسلام تحذيراً شديداً من التساهل في لمس المرأة الأجنبية، فقال: (لأن يُطعن في رأس أحدكم بمِخيَط من حديد خير له من أن يمسّ امرأة لا تحل له)(22) والمخيط هو ما يُخاط به كالإبرة والمسلة ونحوهما(23). والمرأة شقيقة الرجل في الأحكام ؛ فليس لها كذلك التساهل في ملامسة الرجل الأجنبي بحال.

    (1) سورة الإسراء آية 36.
    (2) سورة فصلت آية 20.
    (3) سورة يس آية 65.
    (4) سورة النور آية 30-31.
    (5) انظر أحكام القرآن لابن العربي 3/377، وتفسير ابن كثير 3/310، والجامع لأحكام القرآن 12/222.
    (6) أخرجه أبو داود ك النكاح باب فيما يؤمر به من غض البصر ح 2149 -2/246، والترمذي ك الأدب باب ما جاء في نظرة المفاجأة ح 2777-5/101 قال: هذا حديث حسن غريب، وأحمد ح23024-5/351 قال الأرناؤوط: حسن لغيره، والحاكم ك النكاح ح4623-3/133 قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه..
    (7) غذاء الألباب 1/84.
    (8) أخرجه الحاكم ك الرقاق ح 7875-4/349 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والطبراني في المعجم الكبير ح 10362-10/173.
    (9) الداء والدواء ص.
    (10) سورة لقمان آية 6.
    (11) أخرجه الطبري في تفسيره 20/127.
    (12) تفسير ابن كثير ص1061.
    (13) أخرجه البخاري ك الأشربة باب فيمن جاء يستحل الخمر... ح5268-5/2123.
    (14) 1/255.
    (15) سورة المؤمنون آية 1-3.
    (16) أخرجه الترمذي باب ما جاء في الحياء ح 2009-4/365 وقال: حسن صحيح، وابن ماجه باب الحياء ح 4184-2/1400، وأحمد ح 10519-2/501 قال الأرناؤوط: حديث صحيح وهذا إسناد حسن، وابن حبان ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم الحياء.. ح 608-2/372، والحاكم ك الإيمان ح 171-1/118 وقال صحيح على شرط مسلم .
    (17) أخرجه الترمذي في البر باب ما جاء في اللعنة ح 1977-4/350 وقال: حديث حسن غريب، وابن حبان باب ذكر نفي اسم الإيمان عمن أتى ببعض الخصال... ح 192-1/421.
    (18) سورة النور آية 4.
    (19) سورة الأحزاب آية 32.
    (20) الكشح الخصر. انظر النهاية في غريب الحديث والأثر 4/175.
    (21) أخرجه النسائي في السنن الكبرى ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لهذا الخبر ح 7329-4/319، وأحمد ح 22564-5/294 وقال الأرناؤوط:إسناده صحيح رجاله ثقات، والحاكم ك الحدود ح 8134-4/418 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والطبراني في المعجم الكبير ح 933-22/373.
    (22) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ح 487-20/212، والبيهقي في شعب الإيمان ح 5455-4/374 قال الهيثمي في مجمع الزوائد4/326:ورجاله رجال الصحيح، وقال المنذري في الترغيب والترهيب 3/66:رواه الطبراني والبيهقي ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح. وقال الألباني في السلسلة الصحيحة ح226-1/395: وهذا سند جيد، رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين غير شداد بن سعيد فمن رجال مسلم وحده، وفيه كلام يسير لا ينزل به حديثه عن رتبة الحسن ؛ ولذلك فإن مسلماً إنما أخرج له في الشواهد.

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 8:10 pm

    الركن الثالث: الشجاعة
    قال ابن القيم رحمه الله: [الشجاعة تحمله على عزة النفس، وإيثار معالي الأخلاق والشيم، وعلى البذل والندى الذي هو شجاعة النفس وقوتها على إخراج المحبوب ومفارقته، وتحمله على كظم الغيظ والحلم ؛ فإنه بقوة نفسه وشجاعتها يمسك عنانها ويكبحها بلجامها عن النزغ والبطش، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب)(1) وهو حقيقة الشجاعة وهي ملكة يقتدر بها العبد على قهر خصمه](2).
    ومن الأخلاق التي تندرج في خلق الشجاعة ما يلي:
    1- الشجاعة تحمله على كظم الغيظ والحلم كما سبق في الحديث: (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب).
    2- الشجاعة تُكسب الإنسان الثبات على الحق وعدم التزعزع عنه ؛ فلا يُغيّر مبادئه وقيمه التي يؤمن بها ويدعو إليها تبعاً لتغيّر الناس الذين يحيطون به، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تكونوا إمعة، تقولون إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا !! ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا)(3)، ولا يخاف لومة لائم، ولا يثني عزيمته سخرية ساخر، ولا يفتُّ في عضده تخاذل من يتخاذل عنه، ولا يرعبه تهديد ووعيد ؛ لأنه يؤمن أن الغلبة له ولأمثاله ممن جعل رضا الله مبتغاه، قال عليه الصلاة والسلام: (مَن أسخط الله في رضا الناس، سخط الله عليه، وأسخط عليه من أرضاه في سخطه، ومن أرضى الله في سخط الناس رضي الله عنه، وأرضى عنه من أسخطه في رضاه)(4)، وتأمل هذه الشجاعة التي يغذيها الإيمان والثبات على الحق في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمه أبي طالب بعد أن أخبره عمه بمطالبة قريش له بالكف عن نصرته -صلى الله عليه وسلم-: (والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه)(5)، فلا المغريات والشهوات ولا التخويف والتهديد يُضعف قوته أو يزعزع ثباته، وهذا الشأن لا يكون إلا للمؤمن القوي الشجاع.
    3- الشجاعة تكسب الإنسان قوة في مجابهة أهوائه، وكبح جماح شهواته، فيسيّر نفسه وفق ما يريده لها من النجاة والفلاح، لا وفق هواها ؛ ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الكيِّس مَن دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز مَن أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني)(6).
    ومما يعين على الاتصاف بالشجاعة ما يلي:
    1- الإيمان بأن الآجال محدودة وأن الموت لا بد منه، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً...)(7)، وقال سبحانه: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)(8).
    2- الإيمان بأنه لن يصيب العبد إلا ما كتبه الله عليه كما في حديث ابن عباس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)(9).
    3- فضل الشجاعة والقوة قال -صلى الله عليه وسلم- (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان)(10).
    4- البصيرة في الدين قال سبحانه: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ)(11)؛ والعالم العامل خير وأفضل من العابد من غير علم راسخ قال سبحانه: (يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)(12)؛ وذلك لأن العلم يقوي صاحبه ويثبته على العمل والدعوة.
    5- الدعاء فالدعاء من أقوى الأمور المعينة على التخلق بخلق الشجاعة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو كثيراً يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك(13).

    (1) أخرجه البخاري ك الأدب باب الحذر من الغضب ح6114-10/518 مع فتح الباري.
    (2) مدارج السالكين 3 / 74.
    (3) أخرجه الترمذي ح 2007-4/364 باب ما جاء في الإحسان والعفو قال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
    (4) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ح 11696-11/268، وابن حبان ذكر رضاء الله جل وعلا عمن التمس رضاه..ح 276-1/510 .
    (5) انظر السيرة النبوية 2/101، الروض الأنف 2/7.
    (6) أخرجه الترمذي باب لم يسمه ح 2459-4/638 وقال حديث حسن، وابن ماجه باب ذكر الموت..ح 4260-2/1423 وقال الألباني: ضعيف، وأحمد ح 17164-4/124 قال الأرناؤوط: إسناده ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم وباقي رجال الإسناد ثقات، والحاكم ك الإيمان ح 191-1/ 125 وقال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه.
    (7) سورة آل عمران آية 145.
    (8) سورة آل عمران آية 185.
    (9) أخرجه الترمذي باب لم يسمه ح 2516-4/667 وقال: حديث حسن صحيح، وأحمد ح 2669-1/293 قال الأرناؤوط: إسناده قوي، والحاكم ذكر عبد الله بن عباس ح 6303-3/623، والطبراني في الكبير ح 11243-11/123.
    (10) أخرجه مسلم سبق تخريجه.
    (11) سورة يوسف آية 108.
    (12) سورة المجادلة آية 11.
    (13) أخرجه الترمذي باب ما جاء أن القلوب بين إصبعي الرحمن ح 2140-4/448، والنسائي في الكبرى باب قوله ولتصنع على عيني ح 7737-4/414، وأحمد ح 12128-3/112 قال الأرناؤوط: إسناده قوي على شرط مسلم.

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 8:12 pm


    الركن الرابع : العدل
    العدل في اللغة هو ما قام في النفوس أنه مستقيم ، وتعديل الشيء ؛ تقويمه ، والاعتدال توسط حال بين حالين في كمٍ أو كيف ، والعدل الأمر المتوسط بين الإفراط والتفريط
    (1) . وهو ضد الظلم والجور ، ويقصد به عدة أمور ؛ العدل في الأخلاق ، والعدل في المعاملات المالية ، والعدل في الأسرة ، والعدل في القضاء ، والعدل من النفس .
    أما العدل في الأخلاق فقد قال عنه ابن القيم رحمه الله : [ العدل يحمله على اعتدال أخلاقه وتوسطه بين طرفي الإفراط والتفريط ؛ فيحمله على خلق الجود والسخاء الذي هو توسط بين الإمساك والإسراف والتبذير ، وعلى خلق الحياء الذي هو توسط بين الذل والقحة ، وعلى خلق شجاعة الذي هو توسط بين الجبن والتهور ، وعلى خلق الحلم الذي هو توسط بين الغضب والمهانة وسقوط النفس ](2).
    وأما العدل في المعاملات المالية ، كالعدل في المكاييل والموازين وغيرها ،قال الله تعالى ( وأوفوا الكيل والميزان بالقسط )(3).
    وأما العدل في الأسرة فكالعدل بين الأولاد(4)، والعدل بين الزوجات ، قال سبحانه ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة )(5) والعدل بين الأقران عموماً .
    وأما العدل في القضاء فمعلوم ؛ بأن لا يفرق بين رئيس ومرؤوس ، ولا بين شريف في قومه ومن هو دونه ،.... وتأمل هذه العدالة الحقة التي لا تعرف المماراة ولا المحاباة ، عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت ، فقالوا : من يُكلم فيها رسول الله ؟ فقالو : ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله ؟! فكلمه أسامة ، فقال رسول الله ( أ تشفع في حد من حدود الله ؟! ) ثم قام فخطب فقال ( أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها!؟ )(6)
    وأما العدل من النفس فهو الإنصاف منها للغير . قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين )(7) .
    ولا شك أن هذه الأمور كلها تعود إلى الأخلاق . ومتى عوّد الإنسان نفسه على العدل في كل الأمور والأخذ بأوساطها ظفر بمعالي الأخلاق .
    ومما يعين على اكتساب صفة العدل :
    الأول : تقوى الله تعالى ، وتذكر يوم العرض والحساب ، يوم لا تخفى خافية .
    الثاني : التأني في الأمور كلها وعدم العجلة ؛ فإن التأني يجعل المرء ينظر فيما عرض له ويتأمله ويتصرف بحكمة ، فيدرك مثلاً البذل وقتئذ إسرافاً ، أم جوداً ، وكظم الغيظ أ هو حلم أم مهانة ، والإقدام شجاعة أم تهور ... وهكذا ؛ ولذلك يقول النبي r ( الأناة من الله والعجلة من الشيطان )(8) .

    (1) انظر لسان العرب 11/430-433 ، مختار الصحاح 1/176 ، التعاريف 1/183 ، التعريفات 1/192 .
    (2) مدارج السالكين 3/74 .
    (3) سورة الأنعام آية 152 .
    (4) سيأتي ذكره في الفصل الثاني في الخلق مع الأولاد .
    (5) سورة النساء آية 3 .
    (6) أخرجه مسلم ك الحدود باب قطع السارق الشريف وغيره ح 688-3/1315 .
    (7) سورة النساء آية 135 .
    (8) أخرجه الترمذي باب الأناة من الله ح 2012 -4/367 وقال: حديث غريب ، والبيهقي في السنن الكبرى باب التثبت في الحكم ح 20057-10/104 ، والطبراني في الكبير ح 5702-6/122 .


    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 8:13 pm

    فقه الأخلاق – الخلق مع الله تعالى (1-9)

    نبتدئ في هذا الشهر وما يليه بذكر فقه الأخلاق، وأولى من ينبغي التأدب معه هو الله سبحانه وتعالى.
    الخلق مع الله تعالى
    إن تعلم فقه الأدب مع الله تعالى أوجب الواجبات على العبد، إذ هو مناط سعادته في الدارين، وهذا يتمثل في الإيمان به سبحانه وحده، الإيمان الذي يتعدى مجرد الإيمان بوجوده سبحانه وتعالى، فهذا الإيمان تتفق فيه جميع الكائنات، أما الإيمان الذي به يسعد العبد وبدونه يشقى فهو: قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية
    (1).
    شرح التعريف:
    قول باللسان: أي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وهذه الكلمة تشتمل على توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. فالإله هو الذي يُعرف ويًُعبد(2) وسنفرد ذكر كل واحدة منها في الورقات الآتية.
    قول القلب : هو اعتقاده وتصديقه، وأما عمله فهو عبارة عن تحركه وإرادته ؛ مثل الإخلاص في العمل، وكذلك التوكل والرجاء والخوف.
    عمل بالجوارح : ويشمل ذلك العبادات والمأمورات والمنهيات كلها، قال عليه الصلاة والسلام:
    (الإيمان بضعة وسبعون شعبة ؛ أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)(3)، فالإيمان إذاً قول وعمل، والاقتصار على القول دون العمل إلغاء للشريعة التي جاءت بكثير من التشريعات.
    والإيمان في القلب يدفع صاحبه إلى العمل بمقتضى هذا الإيمان ؛ قال الله عز وجل: (أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ)(4).

    قال العلامة السعدي في تفسيره لهذه الآية(5): [يقول الله تعالى: (أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً) هي شهادة أن لا إله إلا الله وفروعها، (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) هي النخلة، (أَصْلُهَا ثَابِتٌ) في الأرض، (وَفَرْعُهَا) منتشر (فِي السَّمَاءِ وهي كثيرة النفع دائماَ (تُؤْتِي أُكُلَهَا) أي ثمرتها، (كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) فكذلك شجرة الإيمان أصلها ثابت في قلب المؤمن علماً واعتقاداً، وفرعها من الكلم الطيب والعمل الصالح والأخلاق المرضية والآداب الحسنة في السماء دائماً يصعد إلى الله منه (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) المأكل والمطعم وهي شجرة الحنظل ونحوها، (اجْتُثَّتْ) هذه الشجرة (مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ) أي ثبوت فلا عروق تمسكها، ولا ثمرة صالحة تنتجها، بل إن وجد فيها ثمرة فهي ثمرة خبيثة. كذلك كلمة الكفر والمعاصي ليس لها ثبوت نافع في القلب، ولا تتثمر إلا كل قول خبيث وعمل خبيث يؤذي صاحبه ولا يصعد إلى الله منه عمل صالح، ولا ينفع نفسه، ولا ينتفع به غيره].
    كيف أحافظ على شجرة الإيمان قوية يانعة ؟ بأمرين يتبينان بقولنا (يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان) وبيانه ما يلي
    الأول : بتعاهد هذه الشجرة بالسقي في كل وقت بالعلم النافع، والعمل الصالح، والتذكر والتفكر.
    الثاني : بتنقية هذه الشجرة من عوالق الذنوب والمعاصي والغفلة عن الآخرة بالإقلاع عن الذنب والتوبة والاستغفار وإتباعه بالأعمال الصالحة الماحية وكثرة ذكر الله تعالى

    يدل على زيادة الإيمان ونقصه قوله تعالى: (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ)(7).

    (1) انظر شرح الواسطية2/230، وأعلام السنة المنشورة ص45.
    (2) انظر مجموع الفتاوى 2/6.
    (3) سبق تخريجه رقم 106.
    (4) سورة إبراهيم 24،25.
    (5) 4/138.
    (6) سورة التوبة آية 124،125.

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 8:15 pm

    الخلق مع الله تعالى ( 2-9)
    أولاً : توحيد الربوبية
    هو الإقرار الجازم بأن الله وحده رب كل شيء وخالقه ومليكه ، وأنه وحده المحيي المميت ، الرزاق ، المدبر ... الخ ، ويمكن تعريفه بأنه
    :
    توحيد الله تعالى بأفعاله .
    ومما يدل على توحيد الربوبية ما يلي :
    1-
    الفطرة : فالله عز وجل فطر خلقه على الإقرار بربوبيته ( فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا )(1) ، فمهما عاند الإنسان واستكبر وأنكر ربوبية الله ، إذا أصابته ضائقة أو شدة دعا إلها واحداً سبحانه وتعالى ( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ )(2) . وقال عليه الصلاة والسلام ( كل مولود يولد على الفطرة )(3) .
    2-
    دلالة الخلق على الخالق :فإن هذه المخلوقات وما فيها من بديع صنع وحكمة تدل على أن لها خالقاً متصفاً بصفات الكمال(4) .
    وقد ذكر سبحانه هذا الدليل القاطع في وقوله سبحانه ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ )(5) ، ولما سمع جبير بن مطعم رضي الله عنه -قبل إسلامه- رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الطور فبلغ هذه الآية قال : كاد قلبي أن يطير ، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي(6) .
    هل الإقرار بتوحيد الربوبية وحده يكفي ؟
    وهذا التوحيد أقره كفار قريش كما حكاه الله تعالى عنهم في قوله
    ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّا يُؤْفَكُونَ )(7) .
    لكن أشركوا مع الله عز وجل الأصنام وصرفوا لها بعض أنواع العبادة مع إقرارهم بتوحيد الربوبية فلم ينفعهم ذلك .
    وإنكار وجود الله لا يقوى عليه أحد لمخالفته للفطرة السوية والعقل السليم ، إلا ما وقع من الملاحدة الذين يدعون أن الكون وُجد صدفة ، لكن تُوجد طوائف أخرى أشركت في توحيد الربوبية من وجه آخر حين اعتقدت أن هناك من ينفع أو يضر غير الله تعالى من ولي أو قبر أو ملك أو جان أو حجر ونحوه ، فصرفت له أنواعاً من العبادة من ذبح ودعاء وتوسل وطواف ونحو ذلك . أو اعتقدت أن أحداً غير الله يعلم الغيب من كاهن أو عرّاف أو منجم ونحوهم .
    وبالجملة فإن كل من أشرك مع الله تعالى شيئاً في أفعاله من خلق أو ملك أو تدبير أو علم أو قدرة أو نفع أو ضر أو إحياء أو إماتة ونحو ذلك ، فهو مشرك في ربوبية الله ، فإن تقرب إلى ذلك الشيء بأي نوع من أنواع العبادة فقد أشرك أيضاً في توحيد الألوهية .

    (1) سورة الروم 30 . (2) سورة العنكبوت آية 65 . (3) أخرجه البخاري ح1358-3/219 فتح الباري ، ومسلم ح2658-4/4047 . (4) ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه شفاء العليل ص147 وما بعدها عجائب مخلوقات الله تعالى تشهد أن لهذا الكون خالقاً متصفاً بصفات الكمال . (5) سورة الطور آية 35 . (6) أخرجه البخاري ك التفسير 6/49 . (7) سورة العنكبوت آية 61 .

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 8:16 pm


    الخلق مع الله تعالى ( 3-9)
    ثانياً : توحيد الأسماء والصفات
    هو الإيمان بما وصف الله به نفسه في كتابه ، أو وصفه به رسوله ، من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل .
    قال سبحانه ( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (1) وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )(2)، وقال تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )(3).
    وفي الآية الثانية إثبات ونفي ؛ نفى سبحانه عن نفسه المثل ، وأثبت لنفسه سمعاً وبصراً ، وهذا منهج السلف الصالح ؛ فهم يثبتون لله ما أثبته لنفسه ، وينفون عنه ما نفى عن نفسه .
    ومثاله قوله تعالى ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ... ) فأثبت سبحانه لنفسه الحياة والقيمومة ، ونفى عن نفسه السِّنة والنوم .
    ومعنى قولنا ( من غير تحريف ) التحريف صرف الكلام عن معناه المتبادر منه إلى معنى آخر لا يدل عليه اللفظ إلا باحتمال مرجوح . فنؤمن بصفاته وأسمائه بمعانيها من غير تحريف .
    ومعنى قولنا ( ولا تعطيل ) التعطيل هو نفي الصفات الإلهية ، بمعنى تعطيل الأسماء عن معانيها ، كأن يقال سميع بلا سمع ، بصير بلا بصر ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
    ومعنى قولنا ( من غير تكييف ) أي من غير أن يُعتقد أن صفاته تعالى على كيفية كذا ، أو يسأل عنها بكيف ، فلا يعلم الكيفية إلا الله تعالى .
    ومعنى قولنا ( ولا تمثيل ) أي من غير اعتقاد أنها مثل صفات المخلوقين .
    أركان الإيمان بالأسماء والصفات :
    1)
    الإيمان بالاسم .
    2)
    الإيمان بما دلّ عليه الاسم من معنى
    3) الإيمان بما يتعلق به من الآثار .
    فمثلاً نؤمن بأن الله تعالى رحيم ذو رحمة وسعت كل شيء ، ويرحم عباده ، قدير ذو قدرة ، ويقدر على كل شيء .
    دلالة الأسماء الحسنى :
    1)
    دلالة مطابقة إذا فسرنا الاسم بجميع مدلوله
    2) دلالة التزام : إذا استدللنا به على غيره من الأسماء التي يتوقف هذا الاسم عليها .
    مثال ذلك الخالق يدل على ذات الله وعلى صفة الخلق بالمطابقة ، ويدل على الذات وحدها بالتضمن ، ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام ، وذلك لأن الخالق لا يمكن أن يخلق إلا وهو قادر ، وكذلك لا يمكن أن يخلق إلا وهو عالم .
    والرحمن دلالته على الرحمة والذات دلالة مطابقة ، وعلى أحدهما دلالة تضمن ، ودلالته على الأسماء التي لا توجد الرحمة إلا بثبوتها كالحياة والعلم والإرادة والقدرة ونحوها دلالة التزام(4)

    (1) الدعاء ثلاثة أقسام 1) أن تسأل الله بأسمائه وصفاته ، 2) أن تسأله بحاجتك وفقرك وذُلّك فتقول : أنا العبد الفقير المسكين الذليل المستجير ونحو ذلك ، 3) أن تسأل الله حاجتك ولا تذكر واحداً من الأمرين ، والأكمل جمع الأمور الثلاثة ، وهذه عامة أدعية النبي صلى الله عليه وسلم انظر شرح أسماء الله الحسنى للقحطاني ص49 .
    (2) سورة الأعراف آية 180 .
    (3) سورة الشورى آية 11 .
    (4) انظر شرح أسماء الله تعالى في كتاب معارج القبول 1/78 وما بعدها .

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 8:30 pm

    الخلق مع الله تعالى ( 4-9)

    ثالثاً : توحيد الألوهية :
    وهو إفراد الله تعالى بالعبادة ، بألا تكون عبداً لغير الله ، فلا تعبد غير الله تعالى ، لا ملكاً ولا نبياً ولا شيخاً ولا أماً ولا أباً ولا غير ذلك ، ولا تكون عبداً لغير الله .
    والعبادة تطلق على أمرين ؛ على الفعل والمفعول ، فأما المفعول فهو المتعبد به ، وبهذا المعنى عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية فقال:
    العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة (1).
    ولا تُقبل العبادة إلا بشرطين هما :
    الأول : أن يكون خالصاً لله تعالى .
    الثاني : أن يكون صواباً ؛ أي موافقة شرع الله تعالى ومتابعة سنة النبي صلى الله عليه وسلم .

    والدليل عليهما قوله تعالى: ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء )(2) ، وقال عليه الصلاة والسلام ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )(3) .
    قال الفضيل بن عياض رحمه الله في قوله تعالى ( ليبلوكم أيكم أحسن عملاً )(4) أخلصه وأصوبه.
    قالوا : يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه ؟
    قال : إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل ، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل؛ حتى يكون خالصاً صواباً ، والخالص أن يكون لله ، والصواب أن يكون على السنة(5) .
    وإطلاق العبادة على الفعل ، يعني التعبد وتعرّف العبادة بناء عليه بأنها : التذلل لله عز وجل حباً وتعظيماً ؛ بفعل أوامره واجتناب نواهيه(6) .
    والعبودية تعني الخضوع لله بالطاعة ، والتذلل له بالاستكانة(7) ، وكل مَن ذلّ لله عزّ بالله ، إذ هو عبد لمن بيده ملكوت السموات والأرض ، عبد لمن إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون ، عبد لمن إذا دخل في عبوديته أمن من كل ما يخاف ونال كل ما يريد ؛ وشتّان بين هذه العبودية وبين عبودية الأهواء والشهوات ، أو عبودية مَن لا حول له ولا قوة ؛ فهي خوف من مفارقة المعبود أو نقصانه أو فواته ، وهمٌ وشقاء في تحصيله ، قال سبحانه ( ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سلماً لرجل هل يستويان مثلاً الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون )(8)
    وقال عليه الصلاة والسلام ( تعس عبد الدينار ، وعبد الدرهم ، وعبد الخميصة ، إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط ، تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش )(9)
    ومعنى العبودية لهذه الأشياء الشغف والولوع بها ، والاشتغال بجمعها وحفظها ، والاغتمام لفواتها أو قصورها ، وكأنه خادمها وعبدها ، ومَن كان كذلك لم يصدق في حقه إياك نعبد(10).
    وكمال العبودية لله تعالى بكمال الذل له والانقياد والطاعة ؛ لأنه يعلم أن ما قدره عليه ربه وقضاه ، أو أمره ونهاه فلأن لله تعالى الخلق والأمر .. وهو سبحانه حكيم في أمره وتدبيره ، وهو سبحانه لا يُسئل عما يفعل وهم يسئلون ، قال ابن القيم رحمه الله :[ إن مقام العبودية هو بتكميل مقام الذل والانقياد ، وأكمل الخلق عبودية أكملهم ذلاً لله وانقياداً وطاعة ، ذليل لمولاه الحق بكل وجه من وجوه الذل ، فهو ذليل لقهره ، ذليل لربوبيته فيه وتصرفه ، وذليل لإحسانه إليه وإنعامه عليه ](11) .
    وكمال المخلوق في تحقيق عبوديته لله ، وكلما ازداد العبد تحقيقاً للعبودية ازداد كماله وعلت درجته(12) . وقد نعت الله سبحانه بالعبودية كل من اصطفى من خلقه فقال ( واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار )(13) وقال ( سبحان الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ..) (14)، وقال ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً )(15) .
    وبهذا يتضح أن للعبودية ركيزتين لا تتحقق إلا بهما هما ؛ الأولى : المحبة ، والثانية : الخضوع والتعظيم .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :[ ومن خضع لإنسان مع بغضه له لا يكون عابداً له ، ولو أحب شيئاً ولم يخضع له لم يكن عابداً له ، كما قد يحب الرجل ولده وصديقه ولهذا لا يكفي أحدهما في عبادة الله تعالى ، بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد من كل شيء ، وأن يكون الله أعظم عنده من كل شيء ، بل لا يستحق المحبة والخضوع التام إلا الله ، وكل ما أحب لغير الله فمحبته فاسدة ، وما عظم بغير أمر الله فتعظيمه باطل ](16) . سنتكلم عنهما بإذن الله في الحلقة القادمة

    (1) شرح العبودية ص6 .
    (2) سورة البينة آية 5 .
    (3) أخرجه البخاري ك الصلح باب إذا اصطلحوا على صلح جور ... ، ومسلم ك الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة
    (4) سورة الملك آية 2 .
    (5) شرح العبودية ص59 .
    (6) شرح الواسطية 1/25 .
    (7) تفسير ابن جرير 1/155 .
    (8) سورة الزمر آية 29 .
    (9) أخرجه البخاري باب الحراسة في الغزو في سبيل الله ح2730-3/1057 .
    (10) انظر فتح الباري 11/254 . ومعنى القطيفة: الثوب الذي له خمل ، الخميصة: الكساء المربع ، وأما قوله ( وإذا شيك فلا انتقش ) إذا أصابته شوكة فلا وجد مَن يخرجها منه بالمنقاش انظر الفتح 6/82 .
    (11) مفتاح دار السعادة 1/500 .
    (12) انظر شرح العبودية ص63 .
    (13) سورة ص آية 45 .
    (14) سورة الإسراء آية 1 .
    (15) سورة الفرقان آية 63 .
    (16) العبودية مع شرحها ص18 .

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 8:33 pm

    الخلق مع الله تعالى ( 5-9)
    الركيزة الأولى : محبة الله تعالى
    من لوازم العبودية محبة الله تعالى لأنه سبحانه الخالق البارئ المنعم بالنعم التي لا تعد ولا تحصى ؛ وإليه سبحانه الملتجأ ، ولا حول ولا قوة للعبد إلا به سبحانه .
    علامات محبة العبد لله تعالى :
    1-محبته أعظم من كل ما سواه ، قال الله عز وجل ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين )(1) وقال عز وجل ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله)(2) .
    2.
    دوام ذكر الله وشكره ، يقول سبحانه في وصف المؤمنين بأنسهم بذكره سبحانه ( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب )(3) ، ( الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ... )(4) .
    3.
    لزوم طاعته واجتناب معصيته ، فلما ادعى أقوام حب الله تعالى أنزل الله عز وجل آية تمتحن صدق حبهم لله تعالى وقد سماها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك بالممتحنة قال سبحانه ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم )(5) .
    4.
    الرجاء ؛ فإذا أحببت الله عز وجل رجوت ما عنده ، ورغبت فيما يُقرّب إليه سبحانه قال الله تعالى ( إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم )(6)، والمؤمن يلتمس في كل أعماله رضا الله سبحانه ويرجو ثوابه ، وإذا وقع في الذنب ثم ندم وأقلع عنه واستغفر وتاب رجا مغفرة الله وعفوه الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ، يقول سبحانه في الحديث القدسي ( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ، وإن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً ، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة )(7) ، قال ابن حجر رحمه الله :[قال القرطبي في المفهم: قيل معنى ( ظن عبدي بي ) ظن الإجابة عند الدعاء ، وظن القبول عند التوبة ، وظن المغفرة عند الاستغفار ، وظن المجازاة عند فعل العبادة بشروطها تمسكً بصادق وعده ، ويؤيده قوله في الحديث الآخر ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ) ولذلك ينبغي للمرء أن يجتهد في القيام بما عليه موقناً بأن الله يقبله ويغفر له لأنه وعد بذلك وهو لا يخلف الميعاد ؛ فإن اعتقد أو ظن أن الله لا يقبلها وأنها لا تنفعه فهذا هو اليأس من رحمة الله وهو من الكبائر … وأما ظن المغفرة مع الإصرار فذلك محض الجهل والغرة وهو يجر إلى مذهب المرجئة ](8) .
    5.
    وإذا أحببت الله جعلت حياتك ومماتك له ، قال سبحانه ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) يقول الحسن رحمه الله :[ ما ضربت ببصري ، ولا نطقت بلساني ، ولا بطشت بيدي ، ولا نهضت على قدمي ، حتى أنظر أ على طاعة أو على معصية ؟ فإن كانت على طاعة تقدمت ، وإن كانت على معصية تأخرت ](9) ، وكان بعض السلف يقول : إني لأحتسب نومي كما أحتسب قومتي . بمعنى أنه يرجو ثواب الله على نومه لأنه نام ليتقوى بهذا النوم على ما يرضي الله كما يرجو ثوابه على صلاته بالليل .
    محبة الله سبحانه وتعالى للعبد
    عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا أحب الله العبد نادى جبريل : إن الله يحب فلاناً فأحبه ، فيحبه جبريل ، فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ويُوضع له القبول في الأرض )(10).
    كيف نفوز بمحبة الله تعالى ؟
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله قال : مَن عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ، وما تقرّب إلي عبدي بشيء أحب إلي من آداء ما افترضته عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذ بي لأعيذنه ....)(11).
    الولي هو العالم بالله المواظب على طاعته المخلص في عبادته ، وإذا أدى العبد الفرائض ودام على إتيان النوافل من صلاة وصيام وغيرهما أفضى به ذلك إلى محبة الله تعالى ، وقوله ( كنت سمعه ... ) أي توفيق الله لعبده في الأعمال التي يباشرها بهذه الأعضاء ، وتيسير المحبة له فيها ، بأن يحفظ جوارحه عليه ويعصمه عن مواقعة ما يكره الله من الإصغاء إلى اللهو بسمعه ، ومن النظر إلى ما نهى الله عنه ببصره ، ومن البطش فيما لا يحل له بيده ، ومن السعي إلى الباطل برجله ، ولئن سأل الله شيئاً ليعطينه ما سأل ، ولئن استعاذ به أعاذه(12) .

    (1) سورة البقرة آية 165 .
    (2) سورة البقرة آية 165 .
    (3) سورة الرعد آية 28 .
    (4) سورة آل عمران آية 191 .
    (5) سورة آل عمران آية 31 .
    (6) سورة البقرة آية 218 .
    (7) أخرجه البخاري باب قول الله تعالى ( ويحذركم الله نفسه) ح6970-6/2694 ، ومسلم باب الحث على ذكر الله تعالى ح 2675-4/2061 .
    (8) فتح الباري 13/386 .
    (9) جامع العلوم والحكم 1/155 .
    (10) أخرجه البخاري ك بدء الخلق باب ذكر الملائكة ح3209-6/303 فتح الباري .
    (11) أخرجه البخاري ك الرقاق باب التواضع ح6502-11/340 فتح الباري .
    (12) انظر فتح الباري 11/342-345 .

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 8:35 pm

    الخلق مع الله تعالى ( 6-9)
    الركيزة الثانية : تعظيم الله تعالى
    تعظيم الله سبحانه من عبادات القلب التي ينبغيش للمسلم استشعارها ومراعاتها في سائر شؤونه ؛ فبهذا التعظيم يحُسن المسلم عبادة ربه ، ويتقي معصيته ، ويشفق من الوقوف بين يديه يوم الحساب والجزاء ، قال سبحانه ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه )(1) .
    ومما يحقق هذا التعظيم أمران هما(2) :
    1)
    إدراك عظمة الخالق وجبروته فكلما كان العبد أعلم بالله تعالى وصفاته وأسمائه كان أكثر تعظيماً له وتذللاً بين يديه قال سبحانه ( إنما يخشى الله من عباده العلماء )(3) ، وكذا متى تفكر في عظمة مخلوقات الله تعالى أدرك عظمة الخالق ، وكلما تذكر نعم الله تعالى عليه وحلمه عليه وإمهاله له مع قدرته عليه وقوته حصل له تعظيم الله تعالى .
    2)
    إدراك العبد لضعفه وعجزه ؛ فمن عرف قدر نفسه ، وأنه مهما بلغ في الجاه والسلطان والقوة فهو عاجز ضعيف لا يملك لنفسه صرفاً ولا عدلاً ، تصاغرت نفسه وذهب كبرياؤه وذلّت جوارحه لله سبحانه .
    ولهذا التعظيم علامات سنذكرها في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى

    (1) سورة الزمر آية 67 .
    (2) انظر الافتقار إلى الله لب العبودية لـ أحمد بن عبد الرحمن الصويان صادر عن مجلة البيان .
    (3) سورة فاطر آية 28 .

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 8:38 pm

    الخلق مع الله تعالى ( 7-9)
    ولهذا التعظيم علامات هي ما يلي :
    1- الخوف من الله تعالى ، فإذا عظمت الله سبحانه خفت منه كلما هممت بمعصية ، وكلما ذكرته سبحانه أو تلوت كتابه ، قال سبحانه ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً )(1) ، لكن هذا الخوف خوف محب لربه مُعظّم له وكلما زاد خوفه زاد قربه منه وفراره إليه ، ولهذا يقول سبحانه ( ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين )(2)، وكان من هديه صلى الله عليه وسلم عند النوم إذا آوى إلى فراشه يقول ( اللهم أسلمت نفسي إليك ، وفوّضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رهبة ورغبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنيك الذي أرسلت )(3)، وهذا الخوف سبب للنجاة من النار والفوز بالجنان بشرط أن يحقق التقرب من الله والبعد عما يسخطه قال سبحانه ( ولمن خاف مقام ربه جنتان )(4) ، وقال تعالى ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى )(5)، وقال عليه الصلاة والسلام ( مَن خاف أدلج ، ومَن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة )(6).
    2-
    سرعة التوبة بعد المعصية فهذه الصديقة بنت الصديق اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخله ، فعرفت في وجهه الكراهية . تقول فقلت : يا رسول الله أتوب إلى الله ورسوله ماذا أذنبت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما بال هذه النمرقة ؟ ) قلت : اشتريتها لك لتقعد عليها وتتوسدها ، فقال ( إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون ، فيقال لهم أحيوا ما خلقتم – وقال – إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة )(7) فها هي الصديقة سارعت إلى التوبة من ذنب لم تعلمه بعد ، وهذا شأن من عظَّم الله تعالى حق التعظيم ؛ فهو سريع الندم على ما وقع منه سريع الرجوع إلى الله تعالى قال سبحانه في وصفهم ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )(8) .
    كما أنهم لا يستهينون بالمعاصي مهما كانت صغيرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنما مثل محقرات الذنوب كقوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود ، وجاء ذا بعود ، حتى أنضجوا خبزتهم ، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه )(9) .
    ولهذا كان السلف رضي الله عنهم يتحرجون أشد الحرج من الوقوع في المعاصي كبيرها وصغيرها ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعرة ، إن كنا نعدها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات ) .
    قال ابن القيم رحمه الله : [ مَن كملت عظمة الحق تعالى في قلبه عظمت عنده مخالفته ، لأن مخالفة العظيم ليست كمخالفة من هو دونه ، ومن عرف قدر نفسه وحقيقتها وفقرها الذاتي إلى مولاها الحق في كل لحظة ونفَس ، وشدة حاجتها إليه ، عظمت عنده جناية المخالفة لمن هو شديد الضرورة إليه في كل لحظة ونَفَس ، وأيضاً إذا عرف حقارتها مع عظم قدر من خالفه ؛ عظمت الجناية عنده ؛ فشمّر في التخلص منها ](10) .
    3-
    تعظيم أمر الله تعالى ونهيه وعدم التقدم عليه أو تقديم غيره عليه قال سبحانه ( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم )(11) . قال عليه الصلاة والسلام ( من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ، ومن أسخط الله برضا الناس سخط الله عليه وأسخط عليه الناس )(12) .
    ولو تأمل متأمل قول الله تعالى عن يوم القيامة ( ولا يسأل حميم حميماً ، يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه ، وصاحبته وأخيه ، وفصيلته التي تؤويه ، ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه ، كلا إنها لظى ...)(13) لما قدّم على ربه ومولاه أحداً.
    4-
    تعظيم شعائر الله تعالى قال سبحانه ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب )(14) ومن شعائر الله تعظيم بيوت الله تعالى ، قال سبحانه ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال )(15) ، قال العلامة السعدي رحمه الله :[ أي يتعبد لله ( في بيوت ) عظيمة فاضلة ، هي أحب البقاع إليه ، وهي المساجد . ( أذن الله ) أي : أمر ووصى ( أن ترفع ويذكر فيها اسمه ) هذان مجموع أحكام المساجد ، فيدخل في رفعها بناؤها ، وكنسها ، وتنظيفها من النجاسة والأذى ، وصونها عن المجانين والصبيان الذين لا يتحرزون عن النجاسة ، وعن الكافر ، وأن تصان عن اللغو فيها ، ورفع الأصوات بغير ذكر الله ٍ](16) .
    وتعظيم كلام الله سبحانه وتعالى ، بتدبره ، والإنصات لتلاوته ، والاشتغال بتعلمه ، والعمل بما فيه .
    وتعظيم شأن الأذان ، برفعه أوقات الصلوات ، والإنصات إليه ، وترديده لقوله عليه الصلاة والسلام ( إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن )(17) .
    وتعظيم أمر الصلاة ، قال عليه الصلاة والسلام ( فأما الركوع فعظِّموا فيه الرب عز وجل ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء ؛ فقَمِن أن يُستجاب لكم )(18) ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الركوع ( اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت ، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي )(19) ، قال الإمام محمد بن نصر المروزي رحمه الله : [ الدليل على عظم قدرها وفضلها على سائر الأعمال أن كل فريضة افترضها الله ؛ فإنما افترضها على بعض الجوارح دون بعض ، ثم لم يأمر بإشغال القلب به ، إلا الصلاة فإنه أمر أن تقام بجميع الجوارح كلها ، وأهل العلم مجتمعون على أنه إذا شغل جارحة من جوارحه بعمل من غير الصلاة ، أو بفكر ، أو شغل قلبه بالنظر في غير أمر الصلاة أنه منقوص من ثوابها ، ذلك أنه يناجي الملك الأكبر ، فلا ينبغي أن يخلط مناجاة الإله العظيم بغيرها ، وكيف يفعل ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن الله مقبل عليه بوجهه ، فكيف يجوز لمن صدق بأن الله مقبل عليه بوجهه أن يلتفت أو يغيب أو يتفكر أو يتحرك بغير ما يحب المقبل عليه بوجهه ! ](20) .
    5-
    تعلق القلب بالله تعالى والافتقار إليه قال سبحانه ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد )(21) وتجرده عن الخلق ومن كل حظوظه وأهوائه ، لأنه سبحانه هو من بيده خزائن الرحمة وخزائن السماوات والأرض ، وإذا أراد شيئاً سبحانه قال له كن فيكون ، قال عز وجل في وصف عباده المؤمنين ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار )(22) فهؤلاء تعلقت قلوبهم بالله سبحانه ، وبكل ما يقرب إلى الله من الأعمال والأقوال حتى صارت حياتهم كلها لله قال سبحانه ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين )(23) ، قال ابن القيم رحمه الله [ الفقر الحقيقي : دوام الافتقار إلى الله في كل حال ، وأن يشهد العبد في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فاقة تامة إلى الله تعالى من كل وجه ](24) .

    (1) سورة الأنفال آية 2 .
    (2) سورة الذاريات آية 50 .
    (3) أخرجه البخاري باب إذا بات طاهراً ح 5952 -5/2326 ، ومسلم باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع ح 2710 -4/2082 .
    (4) سورة الرحمن آية 46 .
    (5) سورة النازعات آية 40 .
    (6) أخرجه الترمذي ك صفة القيامة باب لم يسمه ح 2450-4/633 وقال حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي النضر ، والحاكم ك الرقاق ح 7851-4/343 وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه . وأدلج أي سار أول الليل ، بلغ المنزل أي وصل إلى مطلبه انظر تحفة الأحوذي 7/123 .
    (7) أخرجه البخاري باب التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنساء ح 1999-2/742 ، ومسلم باب تحريم تصوير صورة الحيوان ح2107-3/1669 .
    (8) سورة آل عمران آية 135 .
    (9) أخرجه أحمد ح22860-5/331 قال ابن حجر في الفتح 11/329 : أخرجه أحمد بسند حسن ، والطبراني في العجم الكبير ح5872-6/165 .
    (10) مدارج السالكين 1/144،145 .
    (11) سورة الحجرات آية 1 .
    (12) سبق تخريجه .
    (13) سورة المعارج الآيات من 10-15 .
    (14) سورة الحج آية 32 .
    (15) سورة النور آية 36 .
    (16) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص569 .
    (17) أخرجه البخاري ك الأذان باب ما يقول إذا سمع المنادي ح611-2/90 مع فتح الباري .
    (18) أخرجه مسلم ك الصلاة باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود ح 479-1/348 .
    (19) أخرجه مسلم مطولاً ك الصلاة باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه ح771-1/534 .
    (20) تعظيم قدر الصلاة ص97 باختصار ، وهو كتاب جدير بالمطالعة لمن شغله أمر صلاته .
    (21) سورة فاطر آية 15 .
    (22) سورة النور آية 37 .
    (23) سورة الأنعام 162 .
    (24) مدارج السالكين 2/439 .

    هانى
    هانى
    المديرالإدارى
    المديرالإدارى


    عدد المساهمات : 1558

    الاسره السعيده فى الاسلام Empty رد: الاسره السعيده فى الاسلام

    مُساهمة من طرف هانى الثلاثاء مارس 29, 2011 8:39 pm

    الخلق مع الله تعالى ( 8-9)
    رابعاً : اجتناب الشرك
    والشرك اتخاذ الند مع الله ، سواء كان هذا الند في الربوبية أو الألوهية(1) ، وهو ضد التوحيد ، وهو غاية الظلم ، كما في قوله سبحانه ( إن الشرك لظلم عظيم )(2) .
    وينقسم إلى شرك أكبر وشرك أصغر ، وإليك بيانهما :
    الشرك الأكبر :
    هو اتخاذ العبد من دون الله نداً يسوّيه برب العالمين ؛ في ربوبيته أو ألوهيته أو أسمائه وصفاته(3) ؛ فمن اعتقد أن المدبر أو المعطي أو المانع أو الضار أو النافع أو المعز أو المذل أو من يعلم الغيب ... غير الله أو معه فقد أشرك بربويته ، فإن صرف له شيئاً من العبادة كالمحبة والرجاء والتوكل والاستعانة والاستغاثة و الدعاء والصلاة والطواف والذبح والنذر .... وغير ذلك فقد أشرك أيضاً في ألوهيته سبحانه(4).
    وهذا الشرك ينافي التوحيد بالكلية ، ومخرج عن الملة ، قال سبحانه ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً )(5).

    (1) الشرك في القديم والحديث 1/121 .
    (2) سورة لقمان آية 13 .
    (3) انظر الشرك في القديم والحديث 1/141 .
    (4) المرجع السابق باختصار .
    (5) سورة النساء آية 48 .


      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء نوفمبر 27, 2024 11:43 am