قيل أن الناس معادن
هكذا يشبه الناس .. الناس
وأكثر من حاز على تقييمهم من المعادن هو
الذهب
من حيث الأصالة في الصفات
ومقاومة عوامل الزمان والمكان
وإصراره على امتلاك تلك الخاصية
سواء أكان مدفونا تحت الأرض أو متعلقا يزهو على
رقبة حواء أو يمسك بمعصميها قيدا محببا
أو خبيء في خزائن قارونية تُثقلهُ زكاته
المهم أنك لن تجده ملقىً على قارعة الطريق
بل هو يحتل أرقى الأماكن بل هو يحتل القلوب والعقول معا
لكن ياترى كم من الناس كان هو بذاته ذهبا
وأخذ معاني صفاته وأبى أن يتجرد عنها في كل أحواله
ومهما دار عليه الزمان أو ماحكته الظروف والمواقف
فالذهب لايكون خالصا أبدا حتى تلامسه النار
لتخرج شوائبه وتتجلى للعيان نقاوته وصفاءه
قال تعالى
( أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا
ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب
الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث
في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال )
فانظر كيف بين الله سبحانه أمر الحلية وهو ما يتجمل به الناس من ذهب
وغيره إذ يوقد علي المعدن في النار ليستخرج ما هو جميل وأصيل خاليا
من الشوائب
وقد تقتصر عين الناظر على الظواهر ولا يتعمق ببصره لينفذ في عمق
المرئي ويستكشف أصله .. كما لو نظر إلى سطح السيل وهو يحمل
فوقه الزبد أو الأوساخ ويغفل عما في باطن هذا النهر أو البحر وما فيه
من نفائس وكنوز بل وحياة متكاملة .
والنار هنا بالنسبة للناس قد تكون محنة أو قد يكون خلافا مع أحد
ألمهم أنها تهز المشاعر وتستثقل حملها النفس حتى تبدأ الإيعاز
بالتصرف وفق المصلحة للذات والإنتصار والإنتقام لها مهما كانت النتائج
والعواقب
وهنا .. فقط .. ستتضح المعالم ويظهر المعدن الاصلي للنفس
وتستبين الملامح الحقيقية بلا غشاوة ولا غبش .
فمن بقي كما هو قبل المحنة أو زادته نقاءً كان هذا هو
( إنسان الذهب )
ومن تبدل حاله وكشر عن أنياب الذئب واستهوته لحوم البشر كان
( ذهبَ الإنسان ) وما بقي منه غير قالب و ليت الفيزيائيين يسعفونني
بمعدن لا تنقيه نيران الأرض
وبراكينها !!!
وأخيرا ... همسة في أذنيك
تحمل لفحة النار وكن .... ذهبا