أيها المربي أنت مرآة طفلك...
بمعنى أنك لو نظرت لنفسك في المرآة لرأيت طفلك...
وبالتأكيد لو نظر طفلك في المرآة لرآك...
كما أنك أيضًا لو نظرت إلى وجه طفلك العدواني لوجدت في وجهه صورتك...
فالطفل العدواني إذن ابن العدواني!
وصدقت الحكمة التي قالت: (من شابه أباه فما ظلم)!!
الطفل صفحة بيضاء، أنت تنقش مفرداتها بيديك؛ لأن الطفل في مراحل عمره الأولى لا يتقن إلا التقليد والتقمص...
ولذلك يمكن أن يكون التقليد من أسباب العدوان عند الأطفال، فهو عندما يرى والده يعتدي ويضرب ويصرخ ويؤذي، ينقش منه بصورة تلقائية؛ إمَّا لأنه يريد أن يثبت ذاته من خلال تقمص شخصية والده، أو أنه يقوم بهذا السلوك تعويضًا عن إيذاء والده له، وهو بالطبع لن يستطيع أن يفرغ هذا العدوان في وجه والده، فيبحث عمن هو أضعف منه ليسقيه جرعة العدوان المريرة.
الطفل العدواني ابن الأب العدواني!!
لقد ثبت بالإحصائيات أن الأطفال الأكثر تقمصًا لشخصية الآباء أظهروا نسبة من العدوان في أثناء اللعب بالدمى، كما ثبت أن تأثير الأب في النزعة العدوانية عند الأطفال هو أكثر من تأثير الأم.
والطفل الذي يواجه العدوان والقسوة من الآباء، لكنه يجدهم أقوياء، فلا يستطيع أن يرد، يلجأ إلى البحث عن ضحية خارج المنزل أو داخله ويمارس عليها عدوانه.
وهناك أسر يسيطر عليها السلوك العدواني، وينتقل هذا السلوك من جيل إلى جيل، فسلوك الآباء العدواني يجعل حياة الأسرة مدرسة للعدوانية، هؤلاء الكبار تربوا عندما كانوا أطفالًا على أيدي آبائهم بالقسوة الاستبدادية ومن دون رحمة، والأطفال مثل آبائهم يكررون النموذج ويحملونه معهم إلى المدرسة وفي الملعب ويمارسونه طوال حياتهم.
هؤلاء الآباء ليس بالضرورة أن يكونوا أشرارًا أو لا يتمنون الخير لأطفالهم؛ إنما يكررون النموذج الأبوي الذي شكلهم به آباؤهم عند طفولتهم فينشأ أطفالهم ضمن هذا النموذج من العنف.
العقاب البدني وعدوانية الأطفال!!
بالتأكيد سمعت عن الأب الذي يربط طفله في سريره كما تربط الدابة وينهال عليه بالسوط!!
أو عن الطفل الذي كواه والده بالنار في يديه لأنه لم يسمع ولم يطع!!
أو عن الأب الذي صفع طفله على وجهه بقوة لأنه أيقظه من النوم!!
أيها المربي:
(يعتبر توقيع العقاب على الأبناء بصورة متكررة من الأسباب الهامة التي تدفعهم للتنفيس عن انفعالات الغضب والقيام بالعدوان عندما يكونون بعيدين عن نظر الآباء.
وكل ما يحقر من شأن الطفل أو يجرح كرامته وكبريائه باللفظ أو بالفعل قد يحطم من شخصيته ولا يعاونه على النمو السليم ويؤدي إلى العدوان, ومثال ذلك:
إذا مكن الأب ابنه الأصغر من أن يضرب أخاه الأكبر أو يهينه بشكل أو بآخر لأنه سبق أن اعتدى عليه أو نعت الطفل بما لا يجب من النعوت يدفع الطفل الأكبر إلى العدوان.
وكذلك السخرية من الطفل بأي صورة من الصور (شكله قدراته) يؤدي ذلك إلى الشعور بالنقص أو العجز والدونية مما قد يجعل منه إما متمردًا أو عدوانيًا أو سلبيًا.
وكذا التهديد بأشياء خرافية مثل العفريت أو الغول فإن ذلك يثير الرعب المدمر لدى الطفل.
وأيضًا القيام بحبس الطفل في حجرته حتى يحسن التصرف, فتكون النتيجة أن تصبح حجرته سجنًا بالنسبة له) [علم نفس الطفولة ومشكلاتها, د.أحلام حسن محمود ود.أحمد شعبان محمد]
يتبع...........