السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرحمه في القرآن
هذا بيان للناس - الرحمة في القرآن .. لعلكم ترحمون
عبدالله حجازي
لا نجد صيغة «لعلكم ترحمون» بأعداد كبيرة، على امتداد النص القرآني كله، ذلك ان لفظة ترحمون تكررت في الكتاب المكنون ثماني مرات، رافقتها في المرات الثماني لفظة «لعلكم». ووجدنا صيغة «لعلكم ترحمون» تأتي في حالتها كلها، نتيجة تختتم الآيات بها، لتبيان حال او موقف او حتى حقيقة حملتها مقدمة الآية التي تحدثت عن توجيه او اقرار او غير ذلك من الصيغ التي قدمها آيات الكتاب المبين.
واذا كانت «لعل» كلمة رجاء، تحمل بدلالتها اللغوية، منحى البحث عن خير يتطلع اليه من جعلها في مقدمة حديثه الذي يقوم على طلب، فانها لم تأتِ في النص القرآني على هذه الشاكلة، وان كانت بقيت تحمل معاني الرجاء، ولكن اختلفت دلالات هذا الرجاء، اولاً باتجاه ان الرجاء حين يقدمه النص القرآني، فانما يكون على الغالب محققاً، وثانياً لأن مآل هذا الرجاء انما يكون دوماً هو الله سبحانه وتعالى ذلك ان «ترحمون» تأتي هنا لتقول «ان يرحمكم الله تعالى» هكذا جاءت الرحمة هنا نتيجة مستحقة على ما حملته مقدمات الآيات الثماني التي انتهت الى «لعلكم تُرحمون».
وتأتي الآية 132 من سورة آل عمران اول الآيات في الترتيب الذي ينظم ورود لفظة ترحمون في القرآن: «واطيعوا الله ورسوله لعلكم تُرحمون» الا ان هذه الآية الكريمة ذاتها جاءت بداية نتيجة لآيتين سبقتا تحدثت الاولى عن الربا «يا ايها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا اضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون» 130 آل عمران، ثم تبتعها الآية 130 «واتقوا النار التي اعدت للكافرين» ثم جاءت الآية 132 التي اختتمت بـ «لعلكم ترحمون». هكذا نجد ان البداية وقعت عند آية النهي عن الربا، الذي يفضي تجنبه الى التقوى ومن ثم الفلاح «واتقوا الله لعلكم تفلحون»، ثم تلتها الدعوة للالتقاء من الوقوع في النار التي ما اعدها الله تعالى للمؤمنين، ولكن للكافرين، فجاءت الدعوة الحكيمة هنا، بالنهي عن الربا وصولاً الى التقوى ومن بعدها الفلاح للمؤمنين الذين يحميهم ايمانهم السليم من نار اعدت للكافرين، هذه الحماية التي تترتب على ما ابانته الآية الثالثة 132 «واطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون».
اذن.. جاءت مقدمة الآية دعوة تتجاوز الحال الذي صاغته الآيات 130 و131 من سورة آل عمران «واطيعوا الله والرسول» ذلك ان هذا الطلب وهو مناط الدعوة الاسلامية، التي حين وضعت في اعماق النفوس الوجدانية كعقيدة ثابتة لا يأتيها شدة ولا يعتورها باطل، اكدت ان من ابرز مجسدات هذه العقيدة الطاعة لله سبحانه وتعالى في امر طلباً ونهياً، ثم من بعد ذلك الطاعة للرسول عليه الصلاة والسلام في ما نقل الينا من آيات الله تعالى، وما سنه لنا في مرتكزات حركة الحياة من منظومة قيمية وقعت صياغتها في اطار ما اوحاه الله تعالى اليه فكانت سنته عليه الصلاة والسلام الشق الثاني من بناء التوازن العقائدي الذي جاءت به العقيدة الاسلامية ونقله القرآن وعاضدته السنة، لنجد ان في طاعة هذين الطرفين الله ورسوله «رحمة» مقصودة اكيدة، ولو ان الرجاء تقدمها، فالرجاء في الله تعالى حقيقة مستجابة. والله اعلم.
م/ن