أحداث هجرة النبي صلى الله عليه وسلم
كان اختيار المدينة مهاجراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بوحي من الله
تعالى، قال صلى الله عليه وسلم : ((رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى
أرض بها نخل، فذهب وَهَلي إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي يثرب)) ([1])،
وقال صلى الله عليه وسلم : ((إني أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين))
([2]).
قال ابن المنير: "كأن النبي صلى الله عليه وسلم أُرِي دار الهجرة بصفة تجمع المدينة وغيرها، ثم أُري الصفة المختصة بالمدينة فتعينت".
· وأول من هاجر إلى المدينة كما تذكر كتب السير هو أبو سلمة بن عبد الأسد،
وكان ذلك قبل بيعة العقبة بسنة، وكذلك كان مصعب بن عمير وابن أم مكتوم من
أوائل المهاجرين حيث كانا يقرئان الناس القرآن، ثم تتابع المهاجرون فقدم
المدينة بلال بن رباح وسعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر ثم عمر بن الخطاب في
عشرين من الصحابة([3]).
· أراد أبو بكر أن يهاجر إلى المدينة وتجهز لذلك فقال له النبي : ((على
رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي)).وكان ذلك قبل الهجرة بأربعة شهر.
ولم يهاجر أبو بكر رضي الله عنه رجاء أن يكون في صحبة النبي صلى الله عليه وسلم إن أذن له في الهجرة([4]).
· أجمعت قريش على قتل النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر القرآن: {وَإِذْ
يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ
يُخْرِجُوكَ}[الأنفال:30].
· أذن للنبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة فجاء إلى الصديق في وقت الظهيرة،
تقول عائشة: فلما أذن له في الخروج إلى المدينة لم يرعنا إلا وقد أتانا
ظهراً . . قال : ((أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج؟!))، قال: الصحبةَ يا
رسول الله؟ قال: ((الصحبة)) ([5]).
وكان الصديق قد أعد ناقتين فعرض إحداهما على رسول الله يركبها فقبل وقال: ((بالثمن)) ([6]).
· وبدأ آل أبي بكر بالتجهيز السريع للرحلة، قالت عائشة: فجهزناهما أحث
الجهاز، وصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من
نطاقها، فربطت به على فم الجراب([7]).
· وقد كان خروجهم من مكة ليلاً يقول الصديق: أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة([8]).
قال ابن حجر: "أسريت: في سير الليل"([9]).
وكان ذلك في يوم الاثنين أو الخميس، قال الحاكم: "تواترت الأخبار أن خروجه كان يوم الاثنين ودخوله المدينة كان يوم الاثنين".
قال ابن حجر: "خروجه من مكة كان يوم الخميس، وخروجه من الغار كان ليلة الاثنين"([10]). فكأنه اعتبر بداية رحلة الهجرة.
· وأوى رسول الله إلى بئر ميمون (في طريق منى) حيث واعد الصديق، ثم دخلا
الغار فيما بقي علي بن أبي طالب في فراش النبي صلى الله عليه وسلم حتى يعمي
على قريش خروج النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، وقد كانت قريش ترميه
بالحجارة، وهي تظنه رسول الله صلى الله عليه وسلم([11]).
· كَمَنَ صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار ثلاث ليال يبيت عندهما عبد
الله بن أبي بكر، فيدلج من عندهما بسحر، فيصبح مع قريش بمكة، فيسمع أخبار
قريش، فإذا جاء الظلام انطلق إلى الغار يخبر النبي صلى الله عليه وسلم
بأخبار قريش، فلا يسمع أمراً يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين
يختلط الظلام، فيما كان عامر بن فهيرة يرعى بغنمه عليهما فيشربان من
ألبانها، ويعود عند الغلس إلى رعيان قريش([12]).
· وصلت قريش باقتفاء الأثر إلى غار ثور حتى وقفوا على باب الغار يقول أبو
بكر: يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره لرآنا قال : ((ما ظنك باثنين ـ يا
أبا بكر ـ الله ثالثهما))([13]).
· وبعد المكث في الغار ثلاثة أيام انطلق النبي وصاحبه صباحاً بصحبة الدليل
الليثي وعامر بن فهيرة وقد خلا الطريق لا يمر فيه أحد ([14]) .
· وقصد رسول الله وصاحبه صخرة طويلة وإذا براع لرجل من أهل مكة، فحلب لهما
ورسول الله نائم، فبرده الصديق له، فاستيقظ رسول الله فشرب ثم شرب
الصديق([15]).
· ومر رسول الله وصاحبه بخيمة أم معبد بقُديد، وطلبا منها القِرى، فاعتذرت
لهم لعدم وجود طعام عندها، وعندها شاة هزيلة لا تدر لبناً، فأخذ رسول الله
الشاة فمسح ضرعها بيده، ودعا الله وحلب في إناء، حتى علت الرغوة، وشرب منه
الجميع([16]).